أصبح النقل الجوي أهم وسائل النقل وأكثرها أمانًا في العالم منذ عقود، لكن الطائرات ما زالت تعاني العديد من المشكلات، التي على مهندسي الطيران حلها في طائرات المستقبل.
بلغت مداخيل شركان الطيران من النقل الجوي أكثر من 518 مليار دولار أميركي على المستوى العالمي في عام 2016، ويسافر من ألمانيا 223 مليون إنسان سنويًا على خطوط الطيران. وفي استطلاع للرأي أجرته وكالة الفضاء والجو الألمانية، يظهر أن أهم ما يزعج المسافرين على الطائرات هو ضيق الكراسي وصعوبة الحركة فيها، وضيق الممرات عند الركوب، واضطرار المسافرين للانتظار، وعرقلة عربات الخدمة الحركة في الممرات.
أكثر راحة ومتعة ينتظر من الشركات العالمية في المعرض الدولي لدواخل الطائرات (إيركرافت إنتيريور 2017) في هامبورغ أن تجد حلولًا لهذه المشكلات. يضاف إلى ذلك السعي إلى جعل الرحلات، وخصوصًا الطويلة منها، أكثر راحة ومتعة. شارك في المعرض هذه العام بين 6 و8 نيسان الجاري نحو 530 شركة من 30 دولة، ومن المتوقع أن يصل عدد الزوار إلى 18 ألف زائر في ثلاثة أيام. على هامش المعرض، قال جون نوريس، رئيس قسم التسويق في شركة باناسونيك، إن الانترنت السريع جدًا سيتوافر للمسافرين على خطوط الطيران العالمية كلها خلال خمس سنوات. وتعمل باناسونيك مع لوفتهانزا على تزويد نحو 100 طائرة من مختلف الأحجام بهذه الخدمة. من أجل جعل الرحلات الجوية ممتعة إلى أقصى حد، ستتاح الفرصة للمسافر مستقبلًا لاختيار الأفلام والألعاب والموسيقى التي يريدها قبل سفره، وتعمل الشركات على توفيرها له قبل الإقلاع على كومبيوتر مدمج في المقعد أو في النافذة. النافذة الشاشة قدمت شركة “فيشن سيستيمز” آخر الصيحات في عالم الشاشات من خلال تحويل زجاج النافذة في الطائرة إلى شاشة شفافة تعمل باللمس. ويمكن المسافر أن يشاهد على هذه الشاشة الأفلام والمعلومات حول الرحلة، والتعليمات الأمنية، ومحتويات المطبخ من مشروبات وأطعمة… إلخ.
هذا يجعل النافذة أكثر من مجرد “زجاجة” لمشاهدة التضاريس والبحار من السماء، وهذا يعد أيضًا في المستقبل بالتخلص من الكثير من الأوراق التي توضع عادة في الجيب أمام المقعد. ويعوّض عن الحاجة إلى الستار، لأن الشاشة تتعتم بلمسة زر، وتبقى شفافة أيضًا عند عرض البيانات والأرقام. نظام جلوس جديد استعرضت شركة “مولان لاب ديزاين” من دنفر الأميركية مقاعد متحركة ومرنة تمنح المسافرين، وخصوصًا البدناء، وطوال القامة، حرية أكبر في الحركة. فالكرسي قرب الممر يمكن أن يركب موقتًا جزئيًا على المقعد الوسط كي يفسح مجالًا أوسع في الممر عند الركوب. يمكن دفع المقعد الوسط غير المرغوب من قبل الكثيرين إلى الخلف أو إلى الأمام قليلًا، وإلى الأسفل أيضًا، كي يقلل إزعاج المسافرين المجاورين.
واستعرضت الشركة في المعرض كيف يمكن كل شركة طيران أن تستبدل بعض مقاعدها بالمقعد الجديد، وهو عبارة عن مقعد يتسع لأكثر من شخص، أو لشخص بدين، وآخر رشيق، من دون إزعاج. وقررت دائرة الاختراع في الولايات المتحدة منح براءة اختراع المقعد الطويل، من ابتكار مهندس الطيران الألماني سفين تواوبرت، بعدما كانت استلمته من إيرباص في العام الماضي. ويتيح المقعد الطويل للمضيفات، بحركات يدوية بسيطة، تركيب مقاعد من أحجام مختلفة، مع أحزمة أمانها، على هيكل المقعد.
عربة الخدمة الروبوتية
يمكن مستقبلًا لعربة خدمة روبوتية من شركة “الترانت” الفرنسية أن تراعي المسافرين والمضيفات على حد سواء، وتتولى توزيع الأطباق والمشروبات تلقائيًا، كما يمكنها، قبل انتهاء الرحلة أن تجمع النفايات والقوارير الفارغة… إلخ.
تقول الشركة إن الترولي الروبوتية لا تزاحم المضيفات على مواقع العمل، لكنها تمنحهن وقتًا أطول لأداء مهمات أخرى مهمة كتقديم التعليمات الأمنية ومساعدة المسافرين وإسعاف المرضى.
مشكلة الترولي في نسختها الحالية تكمن في أنها غير مزوّدة بأذرع، وهذا يعني أن على المسافر خدمة نفسه من الموجودات فيها، وتعد الشركة بتزويد الروبوت بأذرع في المستقبل كي يتحرر من أصابع المسافرين. وزوّدت شركة لوفتهانزا الطائرات الكبيرة بمطبخ صغير يعين طاقم الخدمة في إعداد الوجبات السريعة للمسافرين على الدرجة الأولى. المطبخ مزوّد بتجهيزات كاملة وساحبة هواء، وهناك غطاء مثبت فوق مصدر الحرارة يكبس على الطنجرة أو المقلاة كي لاتنقلب اثناء حصول مطبات جوية.
تعقيم الطائرات
يعتبر الأطباء الطائرات من أهم ناقلات الأمراض المعدية بين بلدان العالم. ويعود معظم أسباب ذلك إلى نظافة اليدين، وإلى الهواء المحصور في كابينة الركاب. وطوّرت شركة “فيرم فالكون”، من لوس أنجليس، روبوتًا يشبه عربة الخدمة، لكنه أصغر كثيرًا، يعقم المقاعد والقبضات والمراحيض بوساطة الأشعة فوق البنفسجية. تعترف الشركة أنها نقلت هذه التقنية من المستشفيات ومحطات تعقيم المياه إلى خطوط الطيران. ويعمل الروبوت بوساطة جهاز التحكم عن بعد، أو عن طريقة برمجته للمهمات مسبقًا. وتقول مصادر الشركة إن الروبوت قادر على تعقيم 45 مقعدًا من الجراثيم بنسبة 100 في المئة في دقيقة واحدة.
ما يزعج المضيفات
على هامش المعرض الذي عرضت فيه شركة “راين آير” تصوراتها المستقبلية لطائراتها أيضًا، أجرى موقع “سكاي سكانر” استطلاعًا للرأي حول أكثر ما يزعج المضيفات. تقول المضيفات إن الاستدعاء بالإصبع يبعث فيهن الشعور وكأن الضيف معلم يستدعي تلميذًا، أو ضابط يستدعي جنديًا، أو ربما عجوز تستدعي كلبها الصغير. لن يمحو هذا التصرف الابتسامة الرسمية الدائمة من فم المضيفة، أو المضيف، ولا يجعله يخرج عن طوره، لأن على المضيفين أن يتعاملوا بلطف دائم مع الضيف المسافر، على الرغم من كل شيء. لكن هذا ما كشفه استطلاع كبير للرأي، أجراه موقع “سكاي سكانر”، بين المضيفات والمضيفين، وشمل 700 منهم، من 85 دولة. فكان الاستدعاء بالإصبع في مقدم ما يكرهه المضيفون في تصرفات الضيوف، ونال 26 في المئة من أصواتهم. لا تنفع مع الكثيرين التعليمات المستمرة حول ضرورة الحفاظ على الأحزمة مشدودة، والبقاء في المقعد، حتى اختفاء العلامة التي تطالب بذلك، وبعد التوقف الكامل للطائرة. وهذا ثاني إزعاج للمضيفات والمضيفين (13 في المئة)، خصوصًا أن معظم الركاب “المستعجلين” سيضطرون للبقاء ربع ساعة في الأقل لاحقًا بانتظار وصول الحقائب.