ان الطبيعة هي أساس الجمال الذي خلقه الله -سبحانه وتعالى- في هذه الأرض، فعين الناظر قادرة على إدراك هذا الجمال من خلال ملاحظة العديد من مظاهره في الطبيعة من حوله، مثل المروج الخضراء الشاسعة، والمياه الشفافة المتدفقة من الشلالات والينابيع والجارية في الأنهار، ومناظر البحار والمحيطات التي تنعكس عليها أشعة الشمس الذهبية عند بزوغ الشمس أو عند غروبها، بالإضافة إلى الغابات ذات الأشجار الكثيفة، ومناظر الجبال الجليدية في مناطق القطبين، ورمال الصحاري الذهبية، والأنواع المختلفة من الأزهار والورود التي تغطي العديد من المناطق على سطح الكرة الأرضية.
ولا ينفصل عن الإحساس بجمال الطبيعة وجود الكائنات الحية التي تعيش في بيئات محددة والتي تتحد من الطبيعة في مشاهدة خيالية تأسر الناظر، ومن ذلك ما يحدث في هجرات الطيور إلى البلدان البعيدة للبحث عن الدفء والطعام، وهجرات الأسماك عبر البحار والمحيطات، وعبور قطعان الغزلان في البراري التي وهي تَضِجُّ بالحركة والجمال، فضلاً عن وجود مناطق محددة في هذا العالم تنتشر فيها أنواع محددة من الكائنات الحية، حيث تُعدّ هذه المناطق المواطن الأصلية لهذه الكائنات الحياة.
وممّا يزيد جمالية الطبيعة الممزوجة بين المناطق الطبيعية ووجود الكائنات الحية وجود أصوات تزيد من روعة المشاهد التي يلاحظها الناظر، فصوت البلابل والببغاوات وأصوات الحشرات والعديد من الكائنات الحية الأخرى تضفي بعدًا آخر للجمال، فضلًا عن الروائح الأخّاذة التي تختلج بها المناظر الطبيعية، والتي تجعل الإنسان مشدوهًا من الجمال الذي تشترك معظم حواسه في إدراكه فلا تشعر عين الناظر بالكسل أو الملل مما تشاهده من بدائع خلق الله تعالى.
ومع تطوّر العلوم التكنولوجية وابتكار وسائل تمكن بها الإنسان من الغوص إلى قاع البحار والمحيطات انكشف الستر عن جمال الحياة البحرية، وظهر الاختلاف بين ما تعيشه الكائنات التي تنشط فوق سطح الماء عن تلك التي تعيش تحت سطحه، حيث أصبح بالإمكان الغوص في الأعماق من خلال أدوات الغطس الحديثة والغواصات العملاقة لرؤية العالم الآخر الموجود تحت الماء، حيث حركة الأسماك المنظمة، والشعاب المرجانية، وقناديل البحر، والنباتات البحرية الملونة، وغير ذلك من مئات الأسماك المختلفة في أشكالها وأحجامها وألوانها، ليسير كل شيء في هذا الكون وفق نظام محددة أراده الله تعالى.
وينبغي على الإنسان أن يشكرَ الله تعالى على ما أنعم عليه من مظاهر الجمال التي توفرها له الطبيعة من حوله، وأن تكون المشاهد الطبيعية الساحرة التي يُعاينها سببًا في زيادة قربه من الله تعالى بسبب التفكر والتأمل في خلقه، فكل ما يحتويه هذا الكون الهائل يدلّ على أن لهذا الكون خالقًا عظيمًا يستحقّ الشكر والعبادة، وهذا ما جعل العديد من العلماء الذي بحثوا في جمال الطبيعية أن يستدلّوا من دقائقها على الله -سبحانه وتعالى- ويدخلوا في دينِه الحق.