عبر استخدام تكنولوجيا النانو، تمكن فريق بحثي أميركي من تحويل طوب بناء المنازل المتواضعة إلى بطارية يمكنها تخزين الكهرباء، مما يزيد من احتمال أن تصبح المباني ذات يوم محطات قوى فعلية.
ففي مقال له بموقع صحيفة الغارديان (The Guardian) البريطانية يقول محرر البيئة داميان كارينجتون “تستغل التكنولوجيا الجديدة الطبيعة المسامية للطوب الأحمر المحروق من خلال ملء المسام بألياف نانوية دقيقة من البلاستيك الموصل للكهرباء الذي يمكنه تخزين الشحنات”.
مكثفات فائقة
يخزن الطوب “البطارية” ما يكفي من الكهرباء لتشغيل الأضواء الصغيرة، ولكن إذا كان من الممكن زيادة سعته، فقد يصبح بديلا منخفض التكلفة لبطاريات الليثيوم أيون المستخدمة حاليا.
وبالمعنى الدقيق للكلمة، فإن طوب الطاقة عبارة عن مكثفات فائقة وليس بطاريات، تخزن الكهرباء كشحنة ثابتة في المواد الصلبة، وليس من خلال التفاعلات الكيميائية كما في البطاريات.
وكما يقول كارينجتون “تكمن ميزة المكثفات الفائقة في أن الشحن والتفريغ فيها أسرع بكثير من البطاريات، لكنها حتى الآن لا يمكنها الاحتفاظ إلا بجزء صغير من الطاقة”.
ويضيف “ميزة أخرى للمكثفات الفائقة هي إمكانية شحنها وإعادة شحنها عدة مرات أكثر من البطاريات قبل أن تفقد قدرتها على تخزين الكهرباء. ويمكن تدوير طوب الطاقة 10 آلاف مرة قبل أن تنخفض سعتها بشكل كبير”.
ويعمل الباحثون في جميع أنحاء العالم على زيادة قدرة المكثفات الفائقة، فضلا عن سرعة شحن البطاريات. ويعد العثور على طرق أفضل لتخزين الكهرباء جزءا مهما من مكافحة أزمة المناخ، حيث سيسمح بتخزين طاقة متجددة وفيرة ولكن متقطعة لحين الاحتياج إليها.
ميزة المكثفات الفائقة تكمن في أن الشحن والتفريغ فيها أسرع بكثير من البطاريات، لكنها لا تحتفظ إلا بجزء صغير من الطاقة (ويكيبيديا)
ما زال بحاجة للتطوير
قال جوليو دارسي Julio D’Arcy من جامعة واشنطن في سانت لويس (Washington University in St Luis) بالولايات المتحدة والذي كان جزءا من فريق البحث، “تخزّن الخلية الشمسية الموجودة على سطح منزلك الكهرباء في مكان ما، وعادة ما نستخدم البطاريات لذلك”، و”ما فعلناه هو تقديم خيار جديد.. لكننا لم نصل إليه بعد”.
فكثافة الطاقة في طوب الطاقة الأول، التي ورد ذكرها في دورية نيتشر كوميونيكشنز (Nature Communications)، هي فقط 1% من تلك الموجودة في بطاريات أيونات الليثيوم.
ويعتقد دارسِي أن هذا يمكن زيادته عشرة أضعاف عن طريق إضافة مواد مثل أكاسيد المعادن لتخزين مزيد من الشحنة في الطوب، مما سيجعل من طوب الطاقة بديلا تجاريا.
لكن الأمل هو في نهاية المطاف مطابقة كثافة الطاقة لبطاريات الليثيوم أيون، ويقول دارسي “إذا كان الأمر كذلك، فإن هذه التكنولوجيا أرخص بكثير من بطاريات أيونات الليثيوم”.
ويقول دان بريت، أستاذ الهندسة الكهروكيميائية في “كلية لندن الجامعية” (University Collage London) بالمملكة المتحدة “كانت الحرارة هي مجال الاهتمام المهيمن عند النظر في تخزين الطاقة داخل نسيج المباني”.
ويضيف بريت “تُظهر هذه الدراسة أن هناك إمكانية لتخزين الطاقة الكهربائية أيضا. إن الأداء بعيد جدا عن المكثفات الفائقة المخصصة، ولكن المبدأ مثبت وهناك مجال كبير للتحسين”.
كثافة الطاقة في طوب الطاقة الأول هي فقط 1% من تلك الموجودة في بطاريات أيونات الليثيوم ويمكن زيادتها لـ 10 أضعاف (ويكيبيديا)
نماذج أولية صغيرة
ابتكر الباحثون نماذج أولية صغيرة من طوب الطاقة باستخدام أبخرة كيميائية للتفاعل مع أكاسيد الحديد الأحمر في الطوب ثم لتشكيل شبكة من الألياف النانوية البلاستيكية.
وتم استخدام مادة بلاستيكية خاصة تسمى بيدوت (Pedot)، لأنها موصل جيد جدا للكهرباء، وقد حوّل التفاعل الطوب الأحمر إلى اللون الأزرق الداكن.
ويقول دارسي إن التفاعلات المستخدمة لإنشاء طوب الطاقة قد يكون لها تأثير ضعيف بسيط على خصائصها الهيكلية، ولكن على أي حال كان الطوب يستخدم اليوم بشكل شائع في المنازل كواجهات زخرفية.
وقال ريتشارد مكماهون، أستاذ إلكترونيات الطاقة بجامعة واريك (University of Warwick) بالمملكة المتحدة، إن البحث كان مثيرا للاهتمام، إذ إن “تخزين الطاقة له أهمية كبيرة في العصر الحديث، ولا سيما في الشكل الكهربائي”.
وفي المقابل، يرى مكماهون أنه “على الرغم من أن هذا العمل هو عرض مثير للاهتمام لإمكانية كامنة، فإنه ما زال بعيدا جدا عن التطبيق العملي”.