بقلم: د. واصف يوسف العابد
رئيس المنظمة العربية للتنمية المستدامة
عضو المجلس الدولي للتنمية المستدامة
مقدمة
في سياق الأزمات العالمية المتعددة، من تغيّر مناخي متسارع، إلى فجوات تنموية وديون متراكمة، أصبح من الواضح أن النظام المالي العالمي الحالي لم يعد يلبي تطلعات التنمية المستدامة العادلة والشاملة، لا سيّما في الدول النامية والناشئة.
لذلك، تأتي مشاركتنا في المنتدى العالمي للتنمية المستدامة 2025 تأكيدًا على ضرورة تجديد إطار التمويل العالمي، وإطلاق إصلاحات جذرية في الهيكل المالي الدولي، كشرط أساسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030 وما بعدها.
مكامن الخلل في الهيكل المالي الدولي الحالي
- الهيمنة غير المتوازنة للمؤسسات المالية الكبرى على القرار المالي العالمي.
- عدم ملاءمة شروط الإقراض للدول الفقيرة والمتوسطة الدخل، مما يؤدي إلى أزمات ديون مزمنة.
- غياب العدالة في تمويل المناخ، حيث لا تصل الأموال الكافية إلى الدول الأكثر تضررًا من تغيّر المناخ.
- ضعف تمثيل دول الجنوب العالمي في المؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
- التفاوت الكبير في تدفقات رؤوس الأموال والاستثمار بين الشمال والجنوب.
ما المقصود بتجديد إطار التمويل العالمي؟
هو عملية إصلاحية شاملة تهدف إلى:
- إعادة هيكلة توزيع الموارد المالية عالميًا.
- تقوية آليات التمويل التنموي العادل.
- ربط التمويل العالمي بالأولويات المناخية والإنسانية.
- خلق أدوات مالية مرنة تخدم الفئات الهشّة والدول المتأثرة بالأزمات.
- إعادة تصميم معايير الديون والسياسات النقدية لتصبح أكثر إنصافًا واستدامة.
نحو نظام مالي أكثر عدالة واستدامة
- إصلاح الحوكمة المالية العالمية لضمان مشاركة أكبر للدول النامية في صنع القرار.
- إلغاء أو إعادة هيكلة الديون السيادية للدول ذات العبء العالي مقابل التزامات بيئية أو اجتماعية.
- توسيع آليات التمويل المناخي العادل وزيادة الشفافية في تدفقاته.
- تشجيع أدوات مالية مبتكرة مثل السندات الخضراء والاجتماعية، وصناديق استثمار التأثير.
- توجيه الاستثمارات الدولية نحو الاقتصاد الأخضر والرقمي والشامل.
رؤية المنظمة العربية للتنمية المستدامة
بصفتها فاعلًا إقليميًا في دعم التنمية والتحول المستدام، تدعو المنظمة العربية للتنمية المستدامة إلى:
- بناء تحالفات عربية ودولية لإصلاح السياسات التمويلية المجحفة.
- دعم آليات تمويل محلية وإقليمية تتماشى مع احتياجات العالم العربي.
- تمكين الدول العربية من التفاوض بشكل جماعي داخل المنتديات المالية العالمية.
- الاستثمار في التمويل المستدام كرافعة اقتصادية واجتماعية.
- تعزيز الشفافية والحوكمة المالية في مشاريع التنمية.
خاتمة في ضوء المنتدى العالمي للتنمية المستدامة
إنّ إعادة التفكير في النظام المالي العالمي لم تعد خيارًا تقنيًا أو مؤقتًا، بل ضرورة أخلاقية وإنسانية لضمان أن لا تترك التنمية أحدًا خلفها، وأن تكون الموارد متاحة بعدالة لكل من يحتاجها.
إننا، ونحن نشارك بفعالية في المنتدى العالمي للتنمية المستدامة 2025، نُجدّد التزامنا بالدعوة إلى نظام تمويلي دولي يُنصف الشعوب، يدعم الدول النامية، ويُحفّز الابتكار من أجل الأجيال القادمة.
✦ التمويل العادل هو المفتاح نحو عالم مزدهر، منصف، ومستدام.