أمرنا الله تعالى بفعل الخير، وجعله من أسباب الفلاح يوم القيامة، قال جلّ جلاله {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}، ومن وجوه الخير إعانة الناس، والسعي في قضاء حوائجهم، والسهر على مصالحهم وشؤونهم، وإدخال السرور والبهجة عليهم، ففي ذلك إشعار لهؤلاء المحتاجين بالاهتمام بهم، والوقوف إلى جانبهم، ومشاركتهم في سرّائهم وضرّائهم، وهذا يساعد على التخفيف من معاناتهم وآلامهم.
كما بشّر رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعي في قضاء حوائج الخلق بخير عظيم في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسّر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، وهذا الحديث الشريف قد بشّر الذي يقضي حوائج الخلق بوجوه من الثواب هي أعظم وأجلّ مما بذله في الدنيا، فبشّره بتنفيس كرب يوم القيامة، وما أعظمها، وبتيسير الله تعالى وستره وعونه في الدنيا والآخرة، وما أحوج الإنسان إلى رحمة ربه جلّ وعلا.
وكان من صفات الأنبياء والصالحين من عباد الله السعي في قضاء حوائج الخلق، ولنا في كتاب الله تعالى وسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرة السابقين والأخيار نماذج رائعة للاقتداء، وتلك النماذج الراقية الصالحة للاقتداء أيضا برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه، فهذه زوجته خديجة رضي الله عنها تصف شمائله فتقول: إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.
يقول الله تعالى {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} وعملا بهذه الآية الكريمة يا ليتنا نطبق ما أمر الله به لنكون حينئذ فعلا من العباد الصالحين الذين اتبعوا حسن القول والعمل…