تسجيل الدخول

النهي عن طلاق الرجل لزوجته بدون سبب شرعي.. وسؤال المرأة «الانفصال»..ووقوعه ثلاثاً دفعة واحدة

دين ودنيا
زاجل نيوز3 يناير 2017آخر تحديث : منذ 8 سنوات
النهي عن طلاق الرجل لزوجته بدون سبب شرعي.. وسؤال المرأة «الانفصال»..ووقوعه ثلاثاً دفعة واحدة
274c920d3f9a61b0

إن الله يحب لرابطة الزواج الاستقرار والاستمرار، وأن تظل مصدر سعادة وتعاون على البر والتقوى للزوجين، ومصدر نفع للمجتمع والناس، وأنه تعالى يكره انفصام هذه الرابطة وهو سبحانه يضع القيود، ولا يبيح الطلاق إلا بعد بذل جهود كبيرة للإصلاح والتوفيق بين الزوجين، حيث إن الطلاق بدون سبب أو لسبب لا يعترف به الشارع إثم ومعصية، واتخاذ لآيات الله هزواً وتلاعب بكتاب الله، قال تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه، ولا تتخذوا آيات الله هزواً وأذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله وأعلموا أن الله بكل شيء عليم) ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا علم بطلاق على غير السنة المشروعة غضب، وقال: “أتلعبون بكتاب الله وأنا بين أظهركم”.

أحكام الطلاق

وهي مناشدة قوية للأزواج وتحذير من أن يتلاعبوا بالعلاقة الزوجية، ومن أن يعبثوا بأحكام الطلاق، أو أن يتعدوا فيها حدود الله، ومما يدل على أن الطلاق محظور إذا كان بغير سبب لما فيه من التجني على المرأة والإساءة إليها ما جاء في قوله تعالى (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً)؛ فإن المرأة متى استقامت أحوالها والتزمت بواجبها صار طلاقها محظوراً لما فيه من التجني عليها ولكونه يمثل جريمة في حقها، وقد قال صلى الله عليه وسلم لما استشاره أبو أيوب في طلاق زوجته قال: “إن في طلاق أم أيوب حوباً – أي إثماً”،

كذلك نهى الشارع المرأة أن تسأل زوجها الطلاق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فرائحة الجنة عليها حرام” وقال عليه السلام:”إن المختلعات هن المنافقات”.

ولهذا لا يجوز فصم هذه العلاقة إلا إذا تعذر الإبقاء على الزوجية، ولهذا منع الشارع الأزواج من إيقاع الطلاق في أثناء العادة الشهرية أو النفاس أو في طهر واقعها فيه، أو أن يوقع الطلاق بالثلاثة دفعة واحدة، لأنه مخالف لقوله تعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).

والله جل وعلا جعل الطلاق المشروع على ثلاث مراحل وجعل للزوج أن يراجع زوجته في المرحلتين الأولى والثانية ما دامت في العدة أما بعد المرحلة الثالثة فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجاً آخر نكاح رغبة لا نكاح دلسة، فإذا طلقها الثاني أو مات عنها وفرغت من عدتها أبيح للمطلق السابق أن يتقدم لخطبتها، وفي ذلك كله إبعاد للنهاية السيئة للعلاقة الزوحية وهي النهاية التي لا يحبها الله ولا رسوله، وهي انفصام عقد النكاح، قال صلى الله عليه وسلم:”أبغض الحلال إلى الله الطلاق”.

وقال تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً).

وقال صلى الله عليه وسلم:”لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً سره آخر”، لا يفرك: أي لا يمقت ولا يسخط، وقال عليه السلام: “استوصوا بالنساء خيراً فإنكم اخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله”.

وهذا هو السر في أن الشريعة تعتبر عقد النكاح عقد دوام واستقرار واستمرار، وأن إنهاء هذا العقد خلاف الأصل وحكمه الحظر، وأنه إنما يلجأ اليه متى كان بقاء العلاقة الزوجية أمراً مستحيلاً وقد يفضي إلى ما حرم الله، وعندئذ تكون الرحمة بمنح كل من الزوجين بالتفريق فرصة جديدة لاستئناف حياة زوجية سعيدة يناسبها قول الله تبارك وتعالى (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً).

متعة المطلقة

المتعة شرعاً، هي: اسم لمال يدفعه الزوج لمطلقته التي فارقها بسبب إيحاشه إياها بفرقة لا يَدَ لها فيها، قال تعال:(لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة فمتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المسحنين)، وأخرج البخاري في صحيحه بسنده عن سهل عن أبيه وأبي أسيد قالا:”تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحيل فلما دخلت عليه بسط يده إليها، فكأنها كرهت ذلك فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين”، وفي رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم قال:”يا أبا أسيد أكسها رازقيين وألحقها بأهلها”، ونستخلص من هذا التعريف أموراً كثيرة، أهمها:

أن المرأة لا تجب لها المتعة إذا كانت الفرقة بسبب من جهتها، ومن أمثاله الفرقة الحاصلة من جهة المرأة: ردة الزوجة عن الإسلام، إذا سبقت زوجها بالإسلام وهي لاتدين بدين سماوي وأبت الدخول في الإسلام، وإذا سبقت زوجها بالإسلام قبل الدخول بها، كذلك إذامكنت أحد أصول الزوج أو فروعه من فعل ما يوجب حرمتها على زوجها كأن تمكنه من الزنى بها، أو خالعت المرأة زوجها فهي راغبة لا متوحشة حيث رغبت في فراقه وبذلت ما تخلص بها نفسها منه، فلا تستحق المتعة بسبب تمردها على عشرتها له وسوء أدبها معه.

أحوال المطلقة

المرأة المطلقة لا تخلو من إحدى حالات أربع: مطلقة بعدالفرض وقبل الدخول، مطلقة قبل الفرض وقبل الدخول، مطلقة بعد الدخول وقبل الفرض، مطلقة بعد الدخول والفرض.

وعلى هذا فقد تفاوتت آراء الفقهاء في ثبوت الحق للمرأة في المتعة، فذهبوا في ذلك إلى أربعة آراء:

الأول:أن المتعة سنة في جميع الحالات وإلى هذا ذهب الفقهاء السبعة والإمام مالك، وهو رواية عن الإمام أحمد، والثاني: القول بالوجوب في حالة واحدة وهي الطلاق قبل الفرض وقبل الدخول، وقالوا بالندرب فيما عدا ذلك، وإلى هذا ذهب الحنفية والزيدية، ورواية عن الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد، والقول الثالث: القول بالوجوب إلا في حالة واحدة وهي المفروض لها إذا طلقت قبل الدخول، وإلى هذا ذهب الإمام الشافعي في القديم ورواية عن الإمام أحمد، والرابع: القول بالوجوب في جميع الأحوال، وإلى ذهب الخليفة الراشد علي والحسن وابن العالية وسعيد بن جبير أو قلابة والزهري وعطاء وقتادة والضحاك وأبو ثور والطبري وابن حزم، وهو رواية عن الإمام أحمد، وقال به الشافعي في الجديد، واختاره الإمام ابن تيمية وهو الحق الذي ينبغي الأخذ به والمصير إليه.

وقد استدل هؤلاء بقول الله تعالى: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين)، وقالوا إن الآية عامة في كل مطلقة، لم تفرق بين مطلقة قبل الدخول، أو بعده، فرض لها أم لم يفرض لها.

أما قوله تعالى:(وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) فهذه الآية أوجب للمفروض لها غير المدخول بها نصف المهر بالإضافة إلى المتعة التي أوجدتها لها، ولا منافاة بين ما أوجبته كل من الآيتين، فإن الله تعالى لم يقل : فنصف ما فرضتم ولا متعة لها، وثبوت حكم في آية لا يدل على إسقاط حكم تثبت بآية أخرى ما دام لا يترتب على اجتماعهما محال، فدل ذلك على أن وجوب نصف المهر لها لا ينفي حقها في المتعة.

وهذا الرأي هو ما اختاره الإمام ابن تيمية، وعليه جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو ما يترجح لدينا، لأن في القول به أخذاً بجميع الأدلة وإبقاء للأوامر الواردة في الآيات على بابها دون حاجة إلى صرفها عن ظاهرها، ولا تعارض بين الآيات حيث يمكن الجمع بين الأحكام الواردة فيها، سواء ما ورد منها في سورة البقرة أو في سورة الأحزاب.

والقول بوجوب المتعة مطلقاً هو مذهب جماهير العلماء، ومن أوجبها منهم في بعض الحالات احتاج إلى التأويل أو حمل الأمر على الندب، ولا ينبغي صرف الأمر على ظاهره من غير دليل، فلم يبق إلا القول بوجوب المتعة مطلقاً للنصوص الواردة في هذا الشأن، ولأن في القول جمعاً بين الأدلة ويتفق مع ما أمر الله به من التسريح بالمعروف والتسريح بالإحسان عند تعذر استمرار الحياة الزوجية، وإذا كان حسن الصحبة واجباً حال قيام الزوجية فينبغي أن يكون التسريح سراحاً جميلاً، وذلك بتخفيف آثار الطلاق على المرأة ومواساة جراحها بما يدفع إليها المال بصرف النظر عما أخذته من المهر كله أو نصفه، لأن هذا شيء ملكته بالعقد، فلا يغني عما تستحقه بالطلاق.

وقد خاطب الله الأزواج وطالبهم بالعفو عن نصف الصداق لتأخذ المرأة الصداق كله إذاطلقت قبل الدخول، مع أن هذا الزوج لم ينل منها شيئاً حتى المصافحة أو القبلة، ولا تلزمها عدة في هذا الطلاق، وتستطيع أن تستقبل الخطّاب فوراً، ومع هذا استحقت نصف المسمى فرضاً، وندب الرجل أن يتنازل لها عن النصف الثاني من الصداق لتأخذ الصداق كاملاً، وقد بين الله تعالى هذا أقرب للتقوى وأحرى لامتداد العلاقات الطبية بين الناس، ويدل على حسن الصحبة، ويتفق مع قوله تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم)، ثم قال في الآية الأخرى( وللمطلقات متاع بالمعروف) فأوجب لها المتعة بعد أن أوجب لها نصف الصداق وحث على العفو عن النصف الآخر.

تقدير المتعة

هل يُعتبر في تقديرها حال الزوج أو حال الزوجة أو حالهما معاً؟

لعل الصواب أن المعتبر في تقدير المتعة هو حال الزوجين معاً، لأن الله تعالى في الآية الكريمة قد اعتبر امرين، هما: حال الرجل في يساره وإعساره فقال تعالى:”على الموسع قدره وعلى المقتر قدره”، والثاني: أن يكون مع ذلك بالمعروف فقال تعالى:”… متاعاً بالمعروف وحقاً على المحسنين”، فبملاحظة هذين الأمرين تجب ملاحظة حالهما. هذا وينادي بعض أدعياء أنصار المرأة بوجوب تقدير معاش شهري للمطلقة مدى حياتها أو إلى أن تتزوج على أنه متعة شرعية لها تعوض المطلقة عما أصابها من ضرر الطلاق، ولهذا نرى أن هذا مخالف للشريعة، وعدم فهم لما جاءت به في تشريع المتعة، وذلك لأن تقرير معاش شهري على أنه متعة سيجعل كل قسط شهري متعة مستقلة، وهذا يؤدي إلى تكرار المتعة، وقد صرح الفقهاء بأن المتعة لا تتكرر، ولأن دفع مبلغ من المال كل شهر إلى أن تموت المطلقة أو تتزوج يفضي إلى جعل المتعة مبلغاً ضخماً يرهق المطلق ويصيبه بالحرج والضرر. وتقضي الأحكام الشرعية بإيفاء المطلقة حقوقاً مالية كثيرة وكبيرة تتمثل في:تسليم مؤخر الصداق، ثبوت الحق في نفقة العدة، أجرة الرضاع، أجرة الحضانة، متعة الطلاق والتي تساوي نصف الصداق عند كثير من العلماء المحققين.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.