نما الناتج المحلي الإجمالي في الصين بنسبة 6.7 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من 2016 مجاريا توقعات المختصين، لكنها مع ذلك تبقى الوتيرة الأبطأ للنمو في ثاني أكبر اقتصاد عالمي منذ الربع الأول من عام 2009 عندما هوى إلى 6.2 في المائة.
وبحسب “رويترز”، فقد أظهرت البيانات تراجع النمو الصيني على أساس فصلي بشكل طفيف من 6.8 في المائة في الربع الأخير من 2015، وكان قد نما بنسبة 6.9 في المائة في 2015 وهو أضعف معدل سنوي في ربع قرن بينما كانت البلاد تمر بعملية انتقال صعبة ومؤلمة نحو نموذج اقتصادي أكثر انفتاحا على الأسواق والاستهلاك والخدمات.
وأشارت الأرقام التي أصدرها المكتب الوطني للإحصاءات إلى أن نمو الاستثمار في الأصول الثابتة تسارع إلى 10.7 في المائة على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة من كانون الثاني (يناير) إلى نهاية أذار (مارس) متجاوزا بقليل توقعات السوق التي كانت تشير إلى زيادة قدرها 10.3 في المائة ليصل إلى 8.6 تريليون يوان “نحو 1.32 تريليون دولار”.
ويرمز ذلك إلى النمو المستقر والمعتدل في استثمارات الأصول الثابتة في الصين، وهي أموال تستخدم لشراء وبناء مصانع ومعدات وعقارات ومرافق ثابتة أخرى، وبشكل تفصيلي؛ ارتفعت استثمارات الأصول الثابتة في الزراعة بنسبة 25.5 في المائة خلال الربع الأول، تلاها ارتفاع بنسبة 12.6 في المائة في قطاع الخدمات، و7.3 في المائة في الصناعة.
وشهدت استثمارات الشركات المملوكة للدولة ارتفاعا بنسبة 23.3 في المائة على أساس سنوي بينما شكلت الاستثمارات من القطاع الخاص نحو 62 في المائة من الإجمالي، وبلغ مجمل الاستثمارات المخططة في المشاريع المُطلقة حديثا 8.1 تريليون يوان بزيادة 39.5 في المائة على أساس سنوي.
أما الناتج الصناعي فقد سجل نموا بلغ 6.8 في المائة فيما يعد مفاجأة للمحللين الذين توقعوا أن يرتفع بنسبة 5.9 في المائة على أساس سنوي، وتسارع نمو مبيعات التجزئة إلى 10.5 في المائة، وهذا أسرع من نسبة النمو المسجلة خلال الشهرين الأولين من العام الجاري، في حين كانت التوقعات تشير إلى زيادة قدرها 10.4 في المائة.
وأسهم المستهلكون في المدن الصينية بنصيب الأسد في الزيادة المسجلة على الرغم من أن إنفاق المستهلكين في الأرياف قد صعد بشكل أسرع مما كان عليه عند سكان المدن، وأظهرت الإحصاءات أن حجم المبيعات على شبكة الإنترنت خلال الربع الأول قد ارتفع بنسبة 27.8 في المائة على أساس سنوي، مسجلا 13 في المائة تقريبا من إجمالي حجم المبيعات بالتجزئة.
ويعود الازدياد القوي في حجم المبيعات بالتجزئة إلى عوامل مشتركة تضم زيادة الرواتب والارتفاع الطفيف في أسعار المستهلكين، وأسهمت المبيعات بالتجزئة بشكل ملحوظ في النمو الاقتصادي الصيني الذي يتحول من خلاله الاقتصاد المدفوع بالصادرات إلى مجتمع استهلاكي.
وأشار المكتب الوطني للإحصاءات إلى استمرار الصعوبات المرتبطة بالتعديلات الهيكلية كما لا يمكن تجاهل الضغوط نحو الهبوط، وكانت بكين قد حددت هدفا للنمو السنوي في 2016 يراوح بين 6.5 و7 في المائة. وأظهرت النتائج أيضاً ارتفاعاً في حجم الاستثمار في قطاع العقارات بنسبة 6.2 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الأول، بيد أن هذا المعدل ما زال أدنى من النمو المسجل بنسبة 8.5 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وأصبح قطاع العقارات قوة دافعة بارزة للنمو الاقتصاد الصيني، ومن المتوقع أن يشكل الضعف الذي شهده القطاع لفترة طويلة، وانخفاض النمو في الاستثمارات العقارية خطرا رئيسيا على الاقتصاد الصيني وسببا مهما وراء تباطؤ الطلب الكلي.
وارتفع حجم الاستثمار في المساكن بنسبة 4.6 في المائة، وفيما يتعلق ببناء المساكن الجديدة، فقد شهدت ارتفاعاً في المساحة بنسبة 19.2 في المائة، مقابل تراجع بنسبة 14 في المائة طوال العام الماضي، أما بناء المنازل الجديدة فقد كسب 14.8 في المائة، مقارنة بانخفاض نسبته 14.6 في المائة خلال 2015.
ومن حيث المساحة، ارتفعت مبيعات العقارات 33.1 في المائة، بزيادة كبيرة عن نسبة 6.5 في المائة المسجلة خلال العام الماضي، فيما تدفقت إيرادات المبيعات بنسبة 54.1 في المائة، مقارنة بزيادة نسبتها 14.4 في المائة العام الماضي.
وأظهر قطاع العقارات في الصين إشارات تحسن خلال الأشهر الأخيرة، حيث ارتفعت أسعار المساكن الجديدة في مدن كبيرة بينها بكين وشنغهاي وشنتشن، وفي المقابل؛ بقيت الأسواق في مدن أصغر ضعيفة بسبب وفرة الإمداد، فيما تحاول الحكومة خفض المخزونات.
في سياق متصل، أوضحت الأرقام الرسمية أن الإيرادات المالية الصينية ارتفعت خلال الربع الأول في ظل وجود إشارات على استقرار الاقتصاد الكلي، وقالت وزارة المالية “إن الإيرادات المالية ارتفعت بنسبة 6.5 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 3.89 تريليون يوان (نحو 607.8 مليار دولار) خلال الربع الأول”. وكان المعدل أعلى بـ0.7 نقطة مئوية عما كان عليه في العام المنصرم وأسرع بشكل طفيف عن المعدل المسجل خلال الشهرين الأولين، وارتفع الإنفاق المالي بنسبة 15.4 في المائة ليصل إلى 3.8 تريليون يوان خلال الربع الأول، وتجاوز نمو إنفاق الحكومة المحلية نمو إنفاق الحكومة المركزية، وشهدت الإيرادات المالية الصينية أبطأ خطواتها منذ عام 1988 وسط تباطؤ الاقتصاد الكلي.