ستطاعت الدراما السورية أن تحافظ على حضورها في رمضان 2016، وأن تثبت أنها المعادلة الأصعب، بالرغم من الحضور الطاغي للدراما المصرية، وسط تقدم بارز للأعمال اللبنانية، وتمكّن بعض المسلسلات الخليجية من إثبات تميّزها.
فما هو رأي النقاد بالدراما السورية وكيف يقيّمون حضورها وتطورها في رمضان 2016، وما هي الأعمال السورية الأفضل من وجهة نظرهم، ومن هما نجم ونجمة الدراما السورية في رمضان. «سيدتي» التقت نقاداً حول الدراما السورية:
الناقد محمد حجازي: أسباب تميز الدرامـا السـورية
محمد حجازي وصف الدراما السورية بـ «الممتازة» وأنها في الصدارة وتحتل المركز الأول بين الدراما العربية، وتليها الدراما المصرية في المرتبة الثانية، أما الدراما اللبنانية فهي في تقدم ملحوظ. وعن أسباب تميز الدراما السورية رغم الظروف الصعبة التي تعيشها أجاب حجازي «الفنانون السوريون وصنّاع الدراما السورية تمكنوا من تخطي ظروفهم الصعبة، وانتقلوا قبل ثلاث سنوات إلى دبي وأبو ظبي، اللتين أمّنتا للدراما السورية إنتاجات ضخمة جداً، فتمكنت من التفوق والنجاح.
لكن المسلسلات المؤلفة من عدة أجزاء كمسلسل «باب الحارة» مثلاً، فهو لا يحقق النتائج المرجوة، كسائر المسلسلات التي تمتد لأكثر من جزء، بصرف النظر عن نجاحه جماهيرياً. «باب الحارة»، لم يحافظ على نفس القيمة التي ميزت أجزاءه الأربعة الأولى، ولكن هذا لا يعني أنه لا يحقق نسبة مشاهدة عالية». واستبعد حجازي أن يكون غياب بعض الممثلين عن الجزء الثامن من مسلسل «باب الحارة» سبباً في تراجعه وقال: «هذا الكلام مجرد كلام في الهواء، والمهم أن يعرف من يمسك الإخراج، كيف يدير الممثل البديل لكي يجيد دوره. مثلاً، المشاهد لم يتعلق بممدوح عبد العليم في مسلسل «ليالي الحلمية» حباً بممدوح، بل لأن ممدوح أجاد الدور. وإذا تمت الاستعانة بممثل بديل يجيد الدور مثله، يمكن أن نحبه أيضاً».
وتابع حجازي: «السوريون في كل الأعمال التي تعرض لا يزالون يحافظون على مستوى جيد، ولديهم الأفضل بين الموجود على الساحة. صحيح أنهم ليسوا جميعاً عظماء ولكنهم في الصدارة. اللافت في تجربة الدراما السورية، أنها بدأت بالخروج من إطار «باب الحارة» وأجواء البيئة الشامية، واتجهت إلى تقديم أعمال معاصرة، وهي كانت أكثر جرأة من غيرها في تناول كل ما يحصل في سوريا، فمثلاً هم أضاؤوا هذه السنة على قصص مواكب الموت التي تغرق في المتوسط وخارجه. وهذا يعني أنهم «أشطر» وأكثر وعياً من غيرهم وأنهم في الصدارة، والسبب لأن المصريين أحياناً لا يقدمون أعمالاً مهمة، مع أن المصريين ينافسون السوريين من خلال تقديم أعمال بنفس المستوى».
أهمية الأعمال المشتركة
وعن موقفه من اعتماد بعض النجوم السوريين، منحى تجارياً في اختياراتهم من خلال ظهورهم في بعض الدراما العربية المشتركة، ردّ حجازي: «المشاركة في الأعمال المشتركة ليست تهمة. عندما يشارك الممثل السوري في عمل مشترك، بدور مهم جداً، عندها لا يمكن التوقف عند عدد الصفحات التي أعطيت له في السيناريو. الممثل السوري تخطى مسألة المشاركة في عمل لمدة ساعة في الحلقة الواحدة وفي عمل آخر بدور هامشي. مثلاً: باسل خياط في مصر، لم يتغيّر أبداً، ومع أنه يشارك بدور صغير في مسلسل «الميزان» لكنه حافظ على قيمته. ميزة الممثل السوري أنه يمكن أن يطل بدور أقل حجماً ولكن ليس أقل مستوى».
كما شدد حجازي على أهمية الأعمال المشتركة التي يشارك فيها نجوم سوريون وعلى النجاحات التي تحققها هذه الأعمال وقال: «هي تفتح باباً جديداً أمام الدراما العربية. لأول مرة يتم العمل على مادة كلاسيكية في الدراما التلفزيونية، نحن لم نعتد عليها سابقاً. في مسلسل «نص يوم» نحن نشاهد تيم حسن ونادين نسيب نجيم يقدمان تمثيلاً. تيم مدهش، ونادين هي أفضل ممثلة يمكن أن تؤدي عملاً درامياً، وهي نجحت بالإمساك بالشخصية، أما سامر برقاوي فهو واحد من المخرجين الذين قدموا فتحاً جديداً في الدراما العربية».
وعن موقفه من انتقاد عابد فهد للدراما العربية المشتركة لكونها مقتبسة، رد حجازي: «وأين هو عابد فهد الآن؟ وما هو موقعه في الأعمال الدرامية التي نشاهدها؟ في العام الماضي قدم عابد فهد مسلسلاً فاشلاً، بإنتاج لبناني، عندما لعب دور رجل فقد ذاكرته. الممثل الذي يحقق نسبة مشاهدة جيدة، يحرص المنتجون على التعامل معه، ومن لا يحقق نسبة مشاهدة «بيقطعولو ورقة».
الأعمال والممثلون الأفضل
عن الأعمال السورية التي يعتبر حجازي أنها الأفضل، قال: «مسلسل «دومينو» جيد جداً، لأنه دخل في جو المعاصر ويتناول قضايا معاصرة. لفتني مسلسل «خاتون» الذي يجمع بين سلافة معمار وكاريس بشار وسلوم حداد، لأنه يجمع بين القديم والمعاصر ولكن في إطار جديد. هو عبارة عن خلطة لها قيمة جماهيرية، بعيداً عن الروتين الذي اعتدنا عليه في عدد من المسلسلات. مسلسل «الندم» جيد جداً، الليث حجو أخرج بطريقة جيدة نصاً ممتازاً كتبه مستشار الدراما في سوريا حسن سامي يوسف، كما أن باسم ياخور يقدم فيه أفضل أدوار حياته. مسلسل «العراب ـ تحت الحزام» عمل عادي ورتيب. مسلسل «أحمر» عمل عادي جداً.
مسلسل «باب الحارة» غير مقنع، لأن شخصياته تقيم في الحارة وتقدم ما ليس له علاقة بها. مسلسل «بقعة ضوء» تكرار لكل ما قدم سابقاً ويراوح مكانه. مسلسل «طوق البنات 3» جيد ويحافظ على مستواه، وفيه يبدو رشيد عساف في أحسن حالاته، ومتجدداً. مسلسل «عطر الشام» مقبول. مسلسل «الطواريد» مقبول وعادي ولكن نسرين طافش تقدم فيه أحد أدوارها الجيدة. مسلسل «نبتدي منين الحكاية» عمل راق ومرتب وكلاسيكي ولكنه لم يحظ بالشعبية، وكان بإمكان سيف السبيعي أن يقدم عملاً أفضل بوجود سلافة معمار وغسان مسعود معه. أما بالنسبة إلى أفضل ممثل سوري، فأشار حجازي إلى أنه تيم حسن عن دوره في مسلسل «نص يوم»، وأمل عرفة عن دورها في مسلسل «جريمة شغف».
الناقدة فاطمة عبد لله: الدراما العربية بين التقدم والتعثر
الناقدة في جريدة «النهار» فاطمة عبد الله، اعتبرت أن وضع الدراما العربية في شكل عام، يتراوح بين التقدم والتعثر، بحسب المسلسل والمشهد والمخرج، وأوضحت: «لا يمكن القول إنه توجد دراما جيدة بالمطلق أو دراما سيئة بالمطلق، وهذا الأمر يرتكز على النص، والمسلسل، وأداء الممثلين. وبالنسبة إلى الدراما السورية تحديداً، فهي ليست في وهجها وذروتها ومجدها، كما كانت عليه قبل ثلاث أو أربع سنوات، أي في زمن مسلسل «الولادة من الخاصرة» أو «سنعود بعد قليل». اليوم، توجد أعمال سورية جيدة جداً من بينها «الندم»، وغيرها من الأعمال التي تحكي عن الواقع والوجع السوري. برأيي، لم يعد بإمكان الدراما السورية أن تمشي مغمضة عينها، أو أن تهرب إلى زوايا تاريخية وإلى أعمال البيئة الشامية، كمسلسل «باب الحارة» وأشباهه».
وتابعت فاطمة عبد الله: «القول إن الدراما السورية ليست في أوج مجدها، لا يعني أنها تقدم أعمالاً هابطة أو دون المستوى، بل ثمة محاولات جيدة جداً، ولكن الدراما السورية تصطدم بواقع معين، كصعوبة التصوير على الأراضي السورية وتقييم شركات الإنتاج لبعض الأعمال، بحسب ولائها أو معارضتها. تصوير الأعمال خارج سوريا، جعل المسلسلات السورية تفقد شيئاً من روحها ومن الوجع السوري، ولم تعد هي نفسها، وهذه المطبات لا يمكن غض الطرف عنها، حتى لو تم تقديم العمل بشكل جيد وبمشاركة أسماء كبيرة. ثمة شيء ما مكسور ومفقود، ووجع يُقدَّم مطأطأ الرأس، وليس بفظاعته وبفجاجته وصراحته، مع أنني على يقين بأن الدراما السورية هي الأكثر نجاحاً بين الدراما العربية الأخرى، إذا حافظت على هويتها وواقعها».
الأعمال الأفضل
فاطمة عبد الله حددت الأعمال الأفضل في الدراما السورية في رمضان 2016، وقالت: «الأفضل على الإطلاق هو مسلسل «الندم»، من بطولة سلوم حداد وباسم ياخور وأحمد الأحمد، والأخير قدم أفضل أدواره فيه، على عكس الدور الذي قدمه في مسلسل «الطواريد». «الندم» هو الأفضل لأنه يعكس الواقع السوري بعيداً عن الدموية والصراخ المبالغ فيهما. هو يحكي قصة عائلة تنهار تماماً كما ينهار الوطن، ولقد أحببت هذه الرمزية، كما الرسائل والمعاني والصورة فيه. هو عمل متكامل قصة ونصاً وإخراجاً وتمثيلاً. مسلسل «أحمر» يضم ممثلين جيدين، ويحكي الواقع السوري أيضاً ولكن يقال إنه يتعرض للـ«قصقصة» وضغوطاً على فريق العمل، لأن نبرته السياسية أعلى.
مسلسل «مذنبون وأبرياء» جيد ويُقدم برؤية مشابهة للواقع ولكنه يضيع البوصلة أحياناً، وهو ليس بمستوى «الندم» و«أحمر». المواطن السوري يرفض الأعمال التي فيها ترف بل يريد أعمالاً تشبه واقعه ويومياته وأحزانه وأوجاعه. مسلسل «العراب ـ تحت الحزام» لم يلفتني أي شيء فيه مع أنه يضم ممثلين كباراً. التطويل بارز في المسلسل، وهو يكرر نفسه وبالكاد يستطيع أن «يقلّع»، لأنه لا مجال لاقتباس عمل وتحويله إلى 60 حلقة.
مسلسل «باب الحارة» يضم ممثلين أقوياء، وأحداثاً تمنحه القوة، مع أنه كان أفضل في أجزائه السابقة. البارز في هذه السنة هو ثنائية «أبو بدر» (محمد خير الجراح) و«فوزية» (شكران مرتجى)، ولكن الممثلين الذين انسحبوا منه انتهى دورهم من المسلسل مع أنه تم استبدالهم بممثلين آخرين، حتى النص صار مفتعلاً لتحقيق الاستمرارية، وهذا العمل مستمر لأسباب تجارية. مسلسل «خاتون» يتحسن من حلقة إلى أخرى، ولم تعجبني حلقاته الأولى».
لم تقدم أياً من الممثلات السوريات دوراً قوياً
أما بالنسبة للممثلين السوريين الأفضل هذه السنة، فاعتبرت عبد الله أن الممثلين السوريين جيدون بشكل عام، ولكن بروز ممثل أكثر من غيره يتوقف على النص والإخراج، من عمل إلى آخر. وتابعت: «مثلاً: سلوم حداد قدم دوراً رائعاً في مسلسل «الندم»، ومثله أحمد الأحمد الذي تألق بدوره في العمل نفسه، ولكن الأحمد قدم دوراً غير جيد في مسلسل آخر. كما أحببت عباس النوري «في باب الحارة»، ومحمد خير الجراح (أبو بدر) في المسلسل نفسه. لا يمكن تقييم الأدوار، بصرف النظر عن المسلسلات، وتصنيف العمل، يرتبط بالعمل نفسه وليس بمن يشارك فيه. مثلاً هناك أعمال تضم ممثلين رائعين ولكنها ليست بالمستوى المطلوب.
أما عن الممثلات السوريات اللواتي تجد أنهنّ الأفضل في دراما 2016، فقالت عبد الله: «لم أجد أن أياً من الممثلات السوريات قدمت دوراً قوياً، لم يُقدم مثله في السابق. أنا لا أقصد أنهنّ قدمن أدواراً عاطلة، ولكنني لم ألمس دوراً لامعاً عند الممثلات السوريات. مثلاً، لم تعجبني تجربة سلاف فواخرجي في مسلسل «باب الحارة»، وهم استعانوا بها لكي ترفع من قيمته، مع أنه عمل «ما بيسوى من زمان». في المقابل، لا يمكن أن ننكر أن كاريس بشار جيدة ومثلها سلافة معمار، ولكن أياً منهما لم تلمع في دورمعين. وبرأيي، كندا حنا هي الأفضل عن دورها في مسلسل «خاتون».
أما بالنسبة إلى النجوم السوريين الذين شاركوا في الدراما المشتركة، فاعتبرت عبد الله أن تيم حسن هو الممثل الأفضل والأقوى، واعتبرت أن دور قصي خولي في مسلسل «جريمة شغف» سيئ لأن نص المسلسل سيئ جداً، أما بالنسبة إلى مكسيم خليل فعمدوا إلى حشره في إطار الحب والخيانة في مسلسل «يا ريت»، مع أنه يستحق دوراً أهم وأفضل بكثير.
كما انتقدت فاطمة عبد الله مشاركة الممثل السوري في عدد كبير من الأعمال، وأوضحت: «لست مع الأمر، لأن الممثل نفسه، لن يتمكن من تحقيق أي إضافة لنفسه. مثلاً، الممثل عبد المنعم عمايري شارك في 100 مسلسل ولكنه لم يلمع في أي منها. أما عابد فهد، فهو لم يعجبني هذه السنة في مسلسل «سمرقند» وكذلك السنة الماضية في مسلسل «24 قيراط»، على عكس الأدوار التي قدمها في السنوات السابقة والتي كانت أفضل بكثير».