قد لا يختلف اثنان على أن ما يجمع الرجال والنساء على كوكب الأرض أكثر مما يفرقهم. لكن دراسة حديثة توصلت إلى نتائج قد تدحض هذه الفكرة نسبياً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالكرم والطيبة. فكيف ذلك يا ترى؟ التعبير عن المشاعر يأتي بطرق متباينة، فأسلوب حياة أحدهم قد يختلف عن الآخر، ولذلك فهناك طرق متنوعة لوصول كل من الرجل والمرأة لأهدافهما القريبة أو بعيدة المدى، بالإضافة إلى تفاوت نسبي في إتقان بعد المواد ذات الصبغة العلمية وكذلك تعلم اللغات.
ربما هذه فقط بعض الاختلافات بين الرجل والمرأة التي رصدتها دراسات سابقة اهتمت بتحديد أوجه الاختلاف أو الشبه بين طرفين رئيسيين يعتمد كل منهما على الآخر لتستمر الحياة على كوكب الأرض. وعلى مدى السنوات الماضية، احتدم السجال بين معسكري الرجل والمرأة فيما يتعلق بتميز أحدهما عن الآخر في بعض المجالات أو حتى في درجة تعبيره عن مشاعره، خصوصاً تجاه الأشخاص الذين يحتاجون الدعم والعناية في المجتمع. وفي هذا الإطار، توصلت دراسة سويسرية حديثة إلى أن النساء أكثر طيبة وسخاءً من الرجال، وفق ما أشار إليه موقع جريدة “لإندبندنت البريطانية نقلاً عن المجلة العلمية “نيتشر هيومن بيهيفر”.
وأوضحت الدراسة الصادرة هذا الأسبوع أن عقول الرجال والنساء تتصرف بطريقة مختلفة فيما يخص السلوك الاجتماعي، حيث تظهر المرأة بعضاً من أشكال اللطف أكثر من الرجل الذي تحفزه النواة المخططية (منطقة في المخ) على التصرف بنوع من “الأنانية”. وأفادت الصادرة عن جامعة زيوريخ السويسرية أن النواة المخططية تدير الدوبامين (مادة في الدماغ تؤثر على السلوك والأحاسيس) وتؤثر بالتالي على ما يُحفزنا للقيام ببعض الأشياء على أساس أنها ستجعلنا نشعر بإحساس جيد، وهذا ما يُحفز النساء على الطيبة في حين يحفز الرجال على الأفكار التي تخدمهم ذاتياً.
واعتمدت النتائج على دراسة أجريت على أكثر من 56 رجلاً وامرأة، حيث تم اختبارهم لاتخاذ قرارات اجتماعية يتمحور الكثير منها على تقاسم المال. وفحص علماء مناطق في الدماغ تكون نشيطة ولاحظوا وجود تباينات كبيرة بين ما يُحفز الرجل والمرأة.
وفي سياق ذي صلة، أجرى الخبراء تجربة ثانية، إذ حصل المشاركون على دواء يهدف إلى منع إفراز مادة الدوبامين. بيد أن النتائج هذه المرة كانت معاكسة، إذ تصرفت النساء بأنانية أكثر، في حين أظهر الرجال صفات اجتماعية مثل الكرم والمساعدة. وقال المشرف على الدراسة، ألكسندر سوتشيك: “أظهرت النتائج أن أدمغة النساء والرجال أيضاً تعمل بطرق مختلفة على المستوى الدوائي”، وأضاف أنه يجب القيام بدراسات أخرى أخذاً بعين الاعتبار الاختلاف بين الجنسين. وتابع نفس المتحدث أن التباينات بين الجنسين واضحة على المستوى البيولوجي. كما أنها ليست بالضرورة موروثة، بل قد أن تكون مستمدة من العديد من العوامل الاجتماعية والبيئية، مؤكداُ في هذا الصدد: “الاختلافات بين الجنسين التي لاحظناها في دراستنا يمكن أن تعزى إلى التوقعات الثقافية المختلفة التي وضعت للرجال والنساء”.