نعيش ونتعايش ونعايش ونقضي اغلب عمرنا نتعلم .. وفي اواخر حياتنا نصبح جيل الامس (الماضي) .. تقتصر نشاطاتنا على فعاليات قليلة و تكون حياتنا مشاركة الاخرين بالاستشارة والنصيحة لمن حولنا او لمن يطلبها . وعادة ما تكون جوهر الاستشارة والحكمة متولدة من تجارب الحياة والايمان بالله والسنة النبوية.
واذا كانت حياتنا بمثل هذا الوصف فنحن بخير وعلى مسار صحيح ونحمد الله على ما نحن فيه ، الا ان هذا الوصف لايخلو من الصراعات والخلافات خصوصا بين اجيال الامس (الماضي) وجيل اليوم (الحاضر) وجيل الغد (المستقبل) ..
وبخلاصة شديدة نقول ان هذه الخلافات والصراعات ستكون ذا فائدة اذا استندت على اسس مترابطة اسريا ومجتمعيا و فلسفيا وتكون متينة لكنها بنفس الوقت بسيطة وهشة وسهلة ويمكن ان نوضح هذه العلاقة من خلال التشبيه التالي …
ليكن الحاضر الذي نعيشه اليوم هو عربة تسير على الطريق هو الزمن وهذا الطريق مليء بالعثرات والمطبات والمشاكل والحوادث المحتملة و يقود هذه العربة شباب جيل اليوم ويجلس بجانبه جيل الامس وخلفهم جيل الغد الذي يتفرج ويشاهد ويتعلم .. جيل اليوم يقود على طريق الزمن ويمر بالاحداث بوجه جديد ويحاول ان يتقن القيادة و بمهارة واثناء القيادة يطلب ويستمع الى ملاحظات وتوجيهات جيل الامس الذي مر باغلب هذة العثرات او ما يشابهها ويقدم الاستشارة والنصح والحكمة في اتخاذ القرار عند مواجهة مخاطر طريق الزمن بعربة الحاضر .. لانه صاحب خبرة وكان يقود عربة الحاضر قبل ان يستلم جيل اليوم القيادة .
. اما جيل الغد فهو برعاية جيل اليوم و جيل الامس .. وهو يشاهد ويتعظ ويتعلم ويتدرب ويستنبط من كل هذه التجارب والمشاهد ويستعد للمستقبل ليستلم القيادة.
اذا كان هذا المشهد يسير بخطى صحيحة بالتربية والاخلاق والسيرة الحسنة والعلم والمعرفة فتلك رعاية الله وحفظه ورضاه لتستمر الحياة وتتطور ويتجنب المجتمع بواسطتها الانحدار والسقوط في اهوال ومغريات وجنون الحياة ومصائب وغدر الزمان . ويستطيع جيل اليوم مصارعة الزمن والسباق فيه والانطلاق بدون ضياع او هدر للوقت ..
لا في اعادة وتكرار تجارب الامس وهو هدر كبير للامكانات والموارد .. ولا في نقل المعرفة والخبرة الى جيل الغد ..
والاهم من هذا كله ان المجتمع سيعيش في حالة متجددة وبحركة ديناميكية نشطة يستغل بها الافراد طاقاتهم الفكرية والجسدية نحو المهارة والاتقان والابداع والتقدم والتطور … وبغير هذه الصورة سينقاد المجتمع نحو الركود والجمود والرتابة وضياع الكثير من الامكانات والموارد وخسارة فرص التقدم في الحياة .. وهذا الحال هو من يصنع التخلف وتظهر بسببه التناقضات والفوارق بين المجتمعات وتطور او التخلف بين المجتمعات والحضارات.
ولا بأس من ان نشير لغرض اثراء الحوار والنقاش ما سببته مجموعات التعصب والتطرف الديني في منطقة دول الشرق الاوسط والوطن العربي اضاع العرب خلال ما يسمى الفترة المضلمة حضارة مئات السنين وضاع معها العلم والتطور ، وقد حرص مسببي تلك الضياعات ان يلبسوا صراعاتهم السمة واللباس الديني ليكون الاعتراض عليها كفر والحاد وان الاعتراض على سمتها الاسلامية يعني الخروج عن الملة ومعاداتها وكان ذلك هو السبب الرئيسي وبداية الفساد والهشاشة وغياب الصورة المتماسكة بين الامس واليوم والغد ..
ادى ذلك الى تمسك المجتمع بتقاليد و قوالب جامدة البسوها لباس الدين ادت الى التخلف واعلنوا حربهم عليها