رغم التوقعات بأنّ الارتياح الذي ساد الأسواق والقطاع المصرفي بعد تشكيل الحكومة سيدفع الى إعادة خفض أسعار الفوائد تدريجاً، إلّا أنّ الأجواء ما زالت على ما يبدو تدعم المسار التصاعدي للفوائد، والذي انطلق إثر أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري.
ما زالت جمعية المصارف اللبنانية مستمرّة في سياسة رفع أسعار الفوائد، حيث أوصت هذا ، البنوكَ التجارية برفع الفائدة المرجعية في سوق بيروت Beirut Reference Rate (BRR) بالدولار الأميركي 0,23 في المئة الى 9,52 في المئة ، مقارنة مع 9,29 في المئة . كما أوصت برفع الفائدة المرجعية بالليرة اللبنانية 0,67 في المئة الى 13,06 في المئة، مقارنة فإنّ الفائدة المرجعية بالليرة اللبنانية -) إثر أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري الى 10,65 في المئة بدلاً من 8,65 في المئة ، عند 11,5 في المئة.
هذا الارتفاع المضطرد في بنية الفوائد سيزيد الضغوطات على الوضعين المالي والاقتصادي، وسيزيد من نسبة تراجع الإقراض الى القطاع الخاص بما يعني المزيد من الجمود في النموّ وفي الحركة الاقتصادية .
والمعلوم أنّ بنية الفوائد تلحظ سعر الفائدة على الدولار عالمياً، والتي ارتفعت عالمياً بشكل ملحوظ، إلّا أنّ نسبتها في لبنان، بشهادة المصرفيّين، «مضخّمة» وأعلى بكثير من المستويات التي يجب أن تكون عليها، لكنّ المخاطر السيادية اللبنانية التي لم تتحسّن بعد، ما زالت تؤثر على أسعار الفوائد.
رغم ذلك، كان المصرفيون يتوقعون، بعد الارتياح العام الذي ساد السوق إثر تشكيل الحكومة، بأن تستقرَّ أسعارُ الفوائد لفترة معيّنة وتعود وتنخفض بعد ذلك الى مستوياتها الحقيقية، والتي هي أقلّ من الأسعار الحالية
في هذا الاطار، شرح الخبير الاقتصادي مروان ميخايل أنّ الفائدة المرجعية تحتسب على أساس الكلفة التشغيلية للمصارف زائدة نسبة من الأرباح، وبالتالي فإنّ الكلفة التشغيلية للمصارف لم تتراجع بعد ولم تنخفض الفوائد على الودائع.
» إنّ سعر الفائدة المرجعية يعكس الوضع الحقيقي الحالي للاقتصاد والقطاع المالي والنقدي والذي تدهور نتيجة الأحداث السابقة، «ولا يعكس التوقعات المستقبلية».
ورجّح أن تعاود الفوائد الانخفاض في المستقبل، بسبب وجود ارتياح عام في الأسواق حالياً، لكنّ هذا الأمر قد يستغرق بعض الوقت الى حين أن يظهر التراجع جليّاً وبالأرقام، في الكلفة التشغيلية للمصارف.
وأشار ميخايل الى أنّ ذلك مرهون بالأداء الحكومي وبالعمل الجدّي والفعلي، لافتاً الى أنّ الحكومة انطلقت بخطوات إيجابية كمحاربة الفساد، لكنّ الأسواق بحاجة الى شيء ملموس وواضح أكثر يمكن اعتبارُه بمثابة إنجازٍ اقتصادي.
وأكد على ، أنّ الارتياح في السوق واضح بدليل سعر فائدة الانتربنك التي عادت الى مستوياتها الطبيعية عند 4 و 5 في المئة بعدما ارتفعت الى 20 و30 و50 في المئة. كما لفت الى أنه بعد تشكيل الحكومة، خفّت الضغوطات على الليرة اللبنانية وتراجع الطلب على الدولار وتدفقت نسبة من الاموال الى لبنان، وأردف «وسنرى كيف سينعكس ذلك بالأرقام ، خصوصاً أنّ المؤشرات لم تصدر بعد على غرار ميزان المدفوعات ».
وقال ميخايل إنّ مختلف القروض الى القطاع الخاص والتي شهدت تراجعاً ملحوظاً، تحتاج الى مزيد من الوقت لتعاود الارتفاع نظراً الى أسعار الفوائد التي تعيق الشركات عن الاقتراض.