هناك ظاهرة تُهدد البناء السليم للأسرة؛ هي ظاهرة العنف الأسري، والتي تُعتبر من أكثر الظواهر الاجتماعية التي دعت العديد من الباحثين لإجراء البحوث المتعلقة بدوافع هذه المشكلة وأسبابها وأضرارها على الفرد والمجتمع، فأضرار العنف الواقع على الأطفال من قبل الوالدين أو أحدهما عديدة منها؛ التقصير الدراسي والهروب من المنزل أو الانتحار أو الصدمة العقلية أحياناً.
ما المقصود بالعنف الأسري
1 – العنف في استخدام القوة المادية والمعنوية لإلحاق الأذى بالآخر استخداماً غير مشروع.
2 – إن العنف الأسري يشمل عنف الزوج تجاه زوجته، وعنف الزوجة تجاه زوجها وعنف الوالدين تجاه أولادهما وبالعكس، كما أنه يشمل العنف الجسدي والجنسي واللفظي بالتهديد، والعنف الاجتماعي والفكري.
– للعنف أسباب نلخصها بالتالي:
– ضعف الوازع الديني والأخلاقي وسوء الفهم.
– سوء التربية والنشأة في بيئة عنيفة في تعاملها.
– غياب ثقافة الحوار والتشاور داخل الأسرة.
– سوء الاختيار وعدم الانسجام بين الزوجين في مختلف جوانب الحياة التربوية والتعليمية والاجتماعية والفكرية والبيئية.
– ظروف المعيشة الصعبة كالفقر والبطالة.
4- العنف الأسري يُرتب آثاراً خطيرة على الزوجين والأولاد والمجتمع.
ويمكن تعريف العنف العائلي بما يلي:
هو كل استخدام للقوه بطريقة غير شرعية من قبل شخص بالغ في العائلة ضد أفراد آخرين من هذه العائلة؟
لننتقل الآن إلى وصف العلاقة الطبيعية المفترضة بين أركان هذه الأسرة.
1 – الحب والمودة: إن هذا النهج وإن كان مشتركاً بين كل أفراد العائلة إلا أن مسؤولية هذا الأمر تقع بالدرجة الأولى على المرأة، فهي بحكم التركيبة العاطفية تُعد العضو الأسري الأكثر قدرة على شحن الجو العائلي بالحب والمودة.
2 – التعاون: وهذا التعاون يشمل شؤون الحياة المختلفة، وتدبير أمور البيت، وهذا الجانب يتطلب تضحية وعطاء أكثر من جانب الزوج.
3 – الاحترام المتبادل: احترام أعضاء الأسرة لبعضهم بعضا.
إن ما تقوم به المرأة من الواجبات المنزلية هو تبرع بنفس راضية لا غير، وإلاّ فهي غير ملزمة. وإن كان البعض يرقى بهذه الوظائف التي تقدمها المرأة إلى مستوى الواجب الذي يعبر عنه بالواجب الأخلاقي الذي تفرضه الأخلاق.
فإذا عَرف الزوج بأن هذه الأمور المنزلية التي تتبرع بها الزوجة لم تكن من صميم واجبها، بل تكون المرأة محسنة في ذلك، حيث إن الإحسان هو التقديم من دون طلب، فماذا يترتب على الزوج إزاء هذه الزوجة المُحسنة؟
مسؤولية الزوج تجاه زوجته:
1 – اِحترام آرائها والتحاور معها في كل ما يهم أولادهما في حياتهم اليومية ويخدم تطلعاتهم.
2 – أن يكون حسنُ الخلق في تعامله معها رفيقا بها، ويعمل أن يستميل قلبها بالهيئة الحسنة والتواصل الدافئ.
3 – أن يوسع عليها ماديا ومعنويا.
مسؤولية الزوجة في التعامل مع الأبناء وركزنا في هذا الجانب على مسؤولية الزوجة لأنها الجانب الذي يتعامل مع الأبناء أكثر من الزوج:
1 – تزيين السلوك الحسن للأولاد وتوجيه أنظارهم بالوسائل المتاحة لديها إلى حُسن انتهاج ذلك السلوك، ونتائج ذلك السلوك وآثاره عليهم اجتماعياً ونفسياً.
2 – تقبيح السلوك الخاطئ والمنحرف لهم، وصرف أنظارهم ما أمكنها ذلك عن هذا السلوك، واطلاعهم على الآثار السيئة، والعواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب على السلوك المنحرف والخاطئ.
3 – تربية البنات على العفة والطهارة، وإرشادهن للاقتداء بالنساء الخالدات، وتحذيرهن من تقليد المستهترات.
4 – الاعتدال في العاطفة وعدم الإسراف في تدليل الأولاد ذلك الذي يقود إلى ضعف شخصية الأولاد، وعدم ارتقائها إلى المرحلة التي يتحملون فيها المسؤوليات.
5 – توجيه أنظار الأولاد إلى المكانة التي يحتلها الأب في الأسرة، وما يجب عليهم من الاحترام تجاهه، والاقتداء به على فرض كونه رجلاً يُستحق الاقتداء به، وذلك كي يتمكن الأب من أداء دوره في توجيه الأولاد، وإصلاح المظاهر الخاطئة في سلوكياتهم.
6 – تجنب الاصطدام بالزوج – وخاصة أمام الأولاد- لأنه قد يخلق فجوة بينهما تقود إلى اضطراب الطفل وخوفه وقلقه.
7 – وجوب اطلاع الأب على المظاهر المنحرفة في سلوك الأولاد، أو ما قد يبدر منهم من الأخطاء التي تنذر بالانحراف وعدم الانسياق مع العاطفة والخوف من ردة فعل الأب.
8 – حماية الأولاد من الانخراط في صداقات غير سليمة، وإبعادهم عن مغريات الشارع، ووسائل الأعلام المضللة، والبرامج المنحرفة.
مسؤولية الزوج -الأب- تجاه الأولاد:
1 – ضرورة ان يتوافق معها فكرياً وسلوكياً وتربوياً وبيئياً وعقائدياً.
2 – تهيئة الظروف المعيشية المناسبة التي تمكنه من الإنفاق على أسرته وتأمين الحد المقبول من الرخاء والعيش بهناء.
3 – حسن اختيار الاسم وهو من حق الولد على أبيه.
4 – أن يحسن تعليم الأولاد وتربيتهم التربية الصحيحة، ويهيئهم التهيئة السليمة ليكونوا أبناء قادرين على أخذ دورهم في بناء الوطن وخدمة المجتمع.
5 ـ أن يتواصل معهم بلغة المحبة فيبتعد عن توجيه عبارات التجريح التي تسبب الإحباط.
6 ـ أن يحترم آراءهم ويشعرهم بوجودهم أعضاء فاعلين في أسرتهم.
وعلى هذا نقول التربية الصحيحة هي أن نصادق أولادنا ونرى بعيونهم ونسمع بآذانهم ونحس بما يشعرون به حتى يكونوا أكثر قرباً منا .
من هم الأكثر تعرضاً للعنف الأسري:
تُبين جميع الدراسات التي تجريها الدول العربية على ظاهرة العنف الأسري في مجتمعاتها أن الزوجة هي الضحية الأولى وأن الزوج بالتالي هو المعتدي الأول.
يأتي بعدها في الترتيب الأبناء والبنات كضحايا إمّا للأب أو للأخ الأكبر أو العم.
فبنسبة 99 % يكون مصدر العنف الأسري رجل.
مسببات العنف الأسري:
أثبتت الدراسات على مستوى العالم الغربي والعربي أن ابرز المسببات وأكثرها انتشاراً هو تعاطي الكحول والمخدرات.
يأتي بعده في الترتيب الأمراض النفسية والاجتماعية لدى أحد الزوجين أو كليهما.
ثم اضطراب العلاقة بين الزوجين لأي سبب آخر غير المذكورين أعلاه.
دوافع العنف الأسري:
1 – الدوافع الذاتية: وهي تلك الدوافع التي تنبع من ذات الإنسان، ونفسه، والتي تقوده نحو العنف الأسري.
2 – الدوافع الاقتصادية: في محيط الأسرة لا يروم الأب الحصول على منافع اقتصادية من وراء استخدامه العنف إزاء أسرته وإنما يكون ذلك تفريغاً لشحنة الخيبة والفقر الذي تنعكس آثاره بعنف من قبل الأب إزاء الأسرة.
3 – الدوافع الاجتماعية: العادات والتقاليد التي اعتادها مجتمع ما والتي تتطلب من الرجل، حسب مقتضيات هذه التقاليد قدراً من الرجولة في قيادة أسرته من خلال العنف، والقوة، وذلك أنهما للأسف بفهمه المقياس الذي يبين مقدار رجولته.
وهذا النوع من الدوافع يتناسب طردياً مع الثقافة التي يحملها المجتمع، وخصوصاً الثقافة الأسرية، فكلما كان المجتمع على درجة عالية من الثقافة والوعي، كلما تضاءل دور هذه الدوافع حتى تنعدم في المجتمعات الراقية، وعلى العكس من ذلك في المجتمعات ذات الثقافة المحدودة، إذ تختلف درجة تأثير هذه الدوافع باختلاف درجة ثقافات المجتمعات.
نتائج العنف الأسري:
1 – أثر العنف فيمن مُورس بحقه: هناك آثار كثيرة على من مورس العنف الأسري في حقه منها:
– يتسبب العنف في نشوء العقد النفسية التي قد تتطور وتتفاقم إلى حالات مرضية أو سلوكيات عدائية أو إجرامية.
– زيادة احتمال انتهاج هذا الشخص الذي عانى من العنف النهج ذاته الذي مورس في حقه.
2 – أثر العنف على الأسرة: تفكك الروابط الأسرية وانعدام الثقة وتلاشي الإحساس بالأمان وربما نصل إلى درجة تلاشي الأسرة.
3 – أثر العنف الأسري على المجتمع: نظراً لكون الأسرة نواة المجتمع فإن أي تهديد سيوجه نحوها – من خلال العنف الأسري- سيقود بالنهاية، إلى تهديد كيان المجتمع بأسره.
العنف الأسري وآثاره على الفرد والمجتمع
رابط مختصر
المصدر : http://zajelnews.net/?p=31997