قال الشافعي:
لما عفوتُ ولم أحقِدْ على أحدٍ…أرحتُ نفسي مِن همِّ العداواتِ
إني أُحيِّي عدُوِّي عندَ رؤيتِه …لأدفعَ الشرَّ عني بالتحياتِ
وأُظهرُ البشْرَ للإنسانِ أُبغضُه…كأنما قد حشَى قلبي محباتِ
النَّاسُ داءٌ، ودواءُ النَّاسِ قُربُهمُ…وفي اعتزالِهمُ قطعُ الموداتِ (1)
وقال أيضًا:
قالوا سكتَّ وقد خُوصِمتَ قلتُ لهم …إنَّ الجواب لِبابِ الشرِّ مفتاحُ
فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب… نعم وفيه لصونِ العِرض إصلاحُ
إن الأُسود لتخشَى وهي صامتة…والكلب يُحثَى ويُرمَى وهو نبَّاحُ (2)
وقال منصور بن محمد الكريزي:
سأُلزمُ نفسي الصفحَ عن كلِّ مذنب…وإن كثرت منه إليَّ الجرائمُ
فما الناسُ إلَّا واحدٌ مِن ثلاثةٍ …شريفٌ ومشروفٌ ومثلي مُقاومُ
فأمَّا الذي فوقي فأعرفُ فضلَه…وأتبعُ فيه الحقَّ والحقُّ لازمُ
وأما الذي دوني فإن قال صنتُ عن…إجابتِه عِرضي وإن لام لائمُ
وأما الذي مثلي فإن زلَّ أو هفا…تفضَّلتُ إنَّ الحلم للفضلِ حاكمُ (3)
وقال أبو الفتح البستي:
خذِ العفوَ وأْمُرْ بعرفٍ كما…أمرت وأعرضْ عن الجاهلين
ولِنْ في الكلامِ لكلِّ الأنامِ…فمستحسَنٌ من ذوي الجاه لين (4)
وقال آخر:
إذا كنتُ لا أعفو عن الذنبِ مِن أخٍ…وقلتُ أُكافيه فأينَ التفاضلُ
فإن أقطعِ الإخوانَ في كلِّ عسرةٍ…بقيتُ وحيدًا ليس لي من أُواصلُ
ولكنني أُغضي جُفوني على القذَى…وأصفحُ عمَّا رابني وأُجاملُ (5)