بيد صغيرة لا تلائم حجم السكين الذي يعمل به، يحاول الطفل الفلسطيني خالد أبو عبيد تقطيع شرائح البصل لإضافتها لباقي مكونات طبق “المسخن” الفلسطيني الشهير، التي جهزها سابقاً برفقة أحد المدربين.
أبو عبيد، ذو الأعوام الستة، تارة تجده منهمكاً وجاداً في تقطيع الخضراوات ليثبت قدرته وشجاعته للمدرب الذي يشرف عليه، وأخرى تغلبه براءة الأطفال فيسترق بعض الأنظار حول ما يصنعه زملاؤه المشاركون ضمن برنامج “الشيف الصغير”.
و”الشيف الصغير” هو أول برنامج تدريبي أطلقه مطعم “زاد الخير”، وسط مدينة غزة، مطلع يوليو الماضي، لتعليم الأطفال في فلسطين فن الطبخ.
وبفرحة واضحة على وجهه، يسرع الطفل “أبو عبيد” ليأخذ صحن “المسخن” من مدربه بعد إخراجه من الفرن مباشرة، ممسكاً إياه بيديه الصغيرتين ويضعه على طاولة التقديم داخل المطبخ، وهو يقول للجميع: “تفضلوا.. أحلى أكلة مسخن بعملها بحياتي”.
– الأول من نوعه
“أبو عبيد” واحد من بين 120 طفلاً تم اختيارهم ليكونوا ضمن البرنامج الأول من نوعه في تدريب أطفال غزة على فن الطهي وصناعة المأكولات الفلسطينية التراثية المشهورة، بالاستعانة بعدد من الطهاة الذين يعملون في المطعم الذي أطلق الفكرة.
المطعم الموجود وسط مدينة غزة، خصص مكاناً لتدريب الأطفال على فنون وأصول الطهي وأُسس السلامة في المطبخ، وقد قسمهم إلى ثلاث مجموعات أسبوعياً، بواقع 11 طفلاً في كل مجموعة، يتدربون ثلاث ساعات يومياً على مدار 40 يوماً، تحت إشراف ومساعدة الطهاة الكبار.
الطفلة ثناء أبو حصيرة، كانت تساعد الطاهي أيمن المشهراوي، في تحضير أكلة “المنسف” التراثية، فتكاد عينها لا تتوقف عن الحركة يميناً وشمالاً وهي تراقب بشغف وحرص كل حركة صغيرة وكبيرة تصدر عن مدربها، في محاولة لتعلّم المهنة التي أحبتها.
الطفلة صاحبة السنوات العشر تقول لـ”الخليج أونلاين”: “أعشق فن الطبخ وصناعة المأكولات الفلسطينية. هذا ما شجعني للتسجيل في البرنامج التدريبي، واليوم أنا أتدرب برفقة أشهر الطهاة، وسأحقق حلمي عندما أكبر”.
وخلال التدريب، تضيف أبو حصيرة، وهي تلبس زي الطاهي وقبّعته المعروفة: “منذ صغري كانت أدوات المطبخ هي ألعابي المفضلة، ويوماً بعد يوم بدأت أهوى الطبخ، وكنت أراقب أمي طوال اليوم وهي داخل المطبخ، وأحاول أن أتعلم من طريقة الطبخ وتحضير المأكولات والساندوتشات والعصائر والحلويات، حتى أصبح حلماً بالنسبة لي”.
– حلم الطفولة
وتشير الطفلة الفلسطينية إلى أن البرنامج التدريبي لـ”الشيف الصغير”، منحها فرصة حقيقية وكبيرة لتحقيق حلم طفولتها في التدرب على استخدام أدوات المطبخ ومعرفة طرق تحضير المأكولات، لتصبح بعد ذلك “أشهر طباخة في غزة”.
أما هبة الإفرنجي، منسقة البرنامج التدريبي، فتقول لـ”الخليج أونلاين”، إن الفكرة “جاءت لتدعيم وتثقيف وتطوير حب فن الطبخ وصناعة المأكولات لدى أطفال قطاع غزة”، مضيفة: “البرنامج هو الأول من نوعه على مستوى فلسطين بأكملها، وهو مجاني”.
وبعد 40 يوماً من التدريب سيحصل الأطفال الـ 120 على شهادات تكريم من إدارة المطعم، كنوع من التحفيز والدعم لجهودهم ومحاولة تطويرها، بحسب الإفرنجي.
كما لفتت منسقة البرنامج إلى أن البرنامج حظي بإقبال وتشجيع غير مسبوقين فور الترويج له، حتى وصل عدد المسجلين فيه إلى أكثر من 500 طفل، إلا أن إدارة المطعم اكتفت بـ120 فقط، لضمان حسن تدريبهم وسهولة تنقلهم داخل المطعم.
ويركز البرنامج على تعليم وسائل الحماية وسلامة الأطفال في استخدام أدوات المطبخ المختلفة وأهمهما “السكين”، وكذلك الطرق الصحيحة في استخدام النار والغاز وتقطيع اللحوم والخضار.