عادتها أن تنجز وتبدع، وديدنها أن تحير العالم بما تقدمه، فلا نرى سوى الحيرة تلمع في أعين الكبار والعظماء، وبشهادة التاريخ وتأكيد الواقع كانت “دبي” ملتقى حضارات كبيرة خلفت ورائها كنزاً حضارياً رفيعا، ولا تزال حتى اليوم ملتقى لحضارات وثقافات العالم في حلتها المعاصرة.
لقد تفوقت دبي بسياستها المنظمة ورؤيتها الثاقبة، وبقيادتها الحكيمة على أكثر مدن العالم، فباتت من أقواها مركزاً وأعلاها مكانة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، ولأنها عوَدتنا على الإبداع والتألق كنا على موعد مع اختيار شعار “إماراتي” جديد لـ” إكسبو” تحت رعاية صاحب السمو نائب رئيس الدولة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد فكان الجديد والجدير بالحيرة والاحترام أن الشعار انعكاس لتحفة أثرية ذهبية عمقها التاريخي يثبت عمق تاريخ الامارات الذي يصل إلى أربعة آلاف سنة.
“إكسبو 2020” .. في دبي
بنجاحها في استضافة معرض “إكسبو 2020” تؤكد دبي على مكانتها السامية وتفوقها على نظيراتها في الشرق الأوسط، فهذا المعرض الدولي الأضخم من نوعه سيعزز بدون شك اقتصاد دبي وقطاعاته المختلفة بإيرادات مذهلة، وأيضاً سيساعد على رفع مستوى إيرادات السياحة والفنادق في المدينة ما يثبت جدارة دبي بمكانتها العالمية التي تحظى بها.
وباعتبار معرض “إكسبو2020” حدثاً عالمياً مرموقا، ونقطة التقاء مهمة للتكنلوجيا الحديثة والأفكار، وهذا بالإضافة إلى اعتباره مَجْمعاً للمشاريع الاقتصادية المتنوعة، والاجتماعية، والمشاريع المستدامة، فإن النجاح في استضافته جَذَبَ الأنظار إلى دبي كمركز عالمي لاغتنام الفرص، وسيعود على الامارات ودبي بإيرادات تقدر حتى الآن بـ”ـ23 مليار دولار”، بالإضافة إلى أنه من المتوقع أن يزور المدينة خلال المعرض ما يقدر بأكثر من 25 مليون زائر، وسيقام المعرض تحت شعار “تواصل العقول، وصنع المستقبل” وقد تسلمت دبي رسمياً العام الماضي لقب “المدينة المستضيفة”.
محمد بن راشد.. اكتشاف مذهل
مصنع أثري للذهب تحت رمال صحراء دبي كان اكتشافه على يد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة حاكم دبي رعاه الله في عام 2002 في منطقة المرموم، وأُطلق عليه اسم «صاروج الحديد»، وبهذا الاكتشاف المذهل يزداد التأكيد على عراقة تاريخ الامارات العربية المتحدة ودبي على رأسها، وقد كشف هذا “الصرح التراثي” عن أنماط ونقوش ومشغولات ذهبية أبدعتها قبل قرون حضارة إماراتية، كانت فيما يبدوا ملتقى بين حضارات عظيمة، حضارة دلمون، والرافدين، والفراعنة، وحضارة ما وراء النهرين .. يقول محمد بن راشد: “أيادٍ رسمت وصنعت الذهب قبل أربعة قرون، وأياد مباركة تبني مستقبل الامارات لمئات السنين القادمة” وبالطبع سيضفي هذا الاكتشاف المزيد من الثراء التاريخي لدبي والإمارات بشكل عام، ففي أحضان كثبانها الرملية يعكف علماء التنقيب على استخراج ما يبدوا أنه قطع أثرية استثنائية وبكمية كبيرة، كما يبدوا أن المنطقة كانت في الماضي شبه مدينة صناعية في قلب تلك الصحراء مما جعل منها شاهدا على تواصل أهل المكان وتبادلهم التجاري مع حضارات أخرى ..يقول سموه “يثبت الاكتشاف أن عمر دبي يعود إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام مضت، وفي هذا درس مهم نتعلمه عن تاريخ دبي العريق” ومن هنا جاءت فكرة تجديد شعار “إكسبو” إلى شعار مستوحى من موروث إماراتي عريق وله تاريخ مجيد.
شعار “إكسبو” الجديد رسم يحكي ثراء حضارة
دائماً ما تكون للتاريخ كلمة، وللواقع أخرى، ودبي اليوم تعزز واقعها بماض ثري تاريخيا وحضاريا عمره آلاف السنين .. يقول سمو الشيخ محمد بن راشد: “لدينا عمق تاريخي إماراتي من بينونة بأبو ظبي، وصاروج الحديد في دبي إلى واد المليحة وجبال رأس الخيمة، والفجيرة”.
وكانت دبي قد تسلمت بشكل رسمي العام الماضي من “المكتب الدولي للمعارض” لقب “المدينة المضيفة” لـ”إكسبو 2020″ وبهذا تكون أول مدينة عربية تستضيف أكبر وأعرق وأهم المعارض العالمية على كافة المستويات.
وقد أطلق الشيخ محمد بن راشد الشعار الجديد قائلا: “شعار إكسبو الجديد هو رسالة لشعبنا بأننا أهل حضارة ضاربة في التاريخ، ورسالة للعالم بأننا كنا وسنبقى أهل تواصل ومحطة لالتقاء الحضارات وعاصمة للإبداع” وقد تم اختيار الشعار من بين ثلاثة نماذج تم ترشيحها على أساس حضاري يثبت تواصل العقول في دبي منذ القدم واستمرارها في صناعة المستقبل.. تقول معالي ريم الهاشمي وزير التعاون الدولي مدير عام معرض إكسبو2020: “يعكس هذا الشعار قناعة راسخة لدى “إكسبو 2020 دبي” بأن ما نسعى إليه من أجل عالم أفضل، لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تضافر جهود البشر وتبادل الأفكار بأساليب خلاّقة”.
ويعتبر هذا الشعار الذي تم اختياره والمستوحى من تحفة أثرية نادرة فريدة من نوعها وذات قيمة خاصة عثر عليها في منطقة “صاروج الحديد” لوحة حضارية تؤكد للعالم أن لدبي تاريخ عريق ضارب في القدم، يمثل حلقة تواصل بين ماضي دبي بأصالته وتميزه، ومستقبلها بما يحمله من إنجازات وازدهار وتقدم .. يقول محمد بن راشد: ” نحن أبناء حضارة، ونحمل اليوم قيم الحضارة للعالم، وسنبقى أهل انفتاح وتجارة وتواصل مع بقية الحضارات”.
