في توقيت مهم إقليميا، يتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى عُمان في زيارة أُعلن عنها منذ نهاية العام الماضي، ورغم غياب السلطنة عن مشهد الصراع المباشر، الخليجي – الخليجي والإقليمي والدولي، إلا أن العديد من المؤشرات تفيد تلاقيا مصريا عُمانيا على أرضية سياسية إقليمية واحدة، تتناقض ثانويا مع المظلّة السعودية التي تسيطر على مجلس التعاون الخليجي، وترفض منطق الاندفاع والمغامرة السعودي رفضا خافتا ينبع، فيما يبدو، من الموقع الحرج، حاليا، للبلدين في الإقليم، جغرافيا وسياسيا واقتصاديا.
تتشابه الصياغة العُمانية في السياسة الخارجية، جزئيا، مع المتّبعة في مصر بعد يونيو 2013؛ فتجتمع منظومتا السياسة الخارجية على نقاط للتشابه من حيث منهج التعاطي مع الصراع الإقليمي القائم منذ سنوات، وتعتبر الدولتان نفسهما خارج الاستقطاب الإقليمي بين محوريّ المقاومة من ناحية والولايات المتحدة ومملكة آل سعود من جهة أخرى.
وبالإطّلاع على الملفات التي يتم بحثها خلال الزيارة، قد تسعى الإدارة المصرية للاستناد على عُمان لجلب استثمارات تحتاجها القاهرة، الأمر الذي يمتاز بكونه بلا تكلفة سياسية أو موقف سياسي مكافئ للاستثمارات، أو المساعدات، على العكس من استثمارات ومساعدات القوى الأكبر في الخليج، مملكة آل سعود والإمارات، التي طالما انعكست في مواقف سياسية خارجية مصرية ملتحقة بتلك القوى، مقابل ما تقدمه من دعم اقتصادي على حساب المصالح الاستراتيجية المصري
السلطنة ليس لها أجندة سياسية إقليمية محددة تضغط بالأموال من أجلها، وبالتالي، وفقا لمصر، قد يؤدي التوسّع في العلاقات الاستثمارية والتجارية معها إلى مفارقة أكبر للأجندة السعودية ومتطلباتها، مع طرف “آمن” ولا يُعَد مارقا بلغة الغرب ومنظومته السياسية، فهو غير محسوب على معسكر المقاومة ومناهضة النفوذ الأمريكي والسعودي والصهيوني، وغير محسوب على حلف قطر وتركيا، المُعادي لمصر من قبل الأزمة الخليجية القطرية وفضلا عنها.
بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979، كانت سلطنة عمان واحدة من دول عربية قليلة أبقت على علاقتها بمصر في مقابل جبهة واسعة تشكّلت من أغلب دول العرب، وقطعت العلاقات اعتراضا على خروج مصر من الصراع العربي الصهيوني، ولسنوات طويلة، ورغم تعاقب تشكيلات ورؤوس النظام السياسي المصري، تمتعت العلاقات الثنائية بين البلدين باستقرار ومتانة عززهما الموضع السياسي الإقليمي لعُمان، كدولة تؤثر، إجمالا، عدم الانخراط في الصراعات الإقليمية بما يضمها بالفعل إلى أحد الأطراف المتصارعة، ويحافظ توجهها بشأن تلك الصراعات على موقع محايد بلا طموح لتوسيع نفوذها كدولة، أو للاستفادة من تناقضات القوى الإقليمية.