ملايين الملايين تزوجوا ولم يدركوا ماهية الزواج ومعناه! وقد لاحق الفشل الكثيرين ممن لم يعرفوا الطريق الصحيح للزواج أو معناه الحقيقي، وعندما سألوا أميرة بريطانية تجاوزت التسعين عن أي عمر يتوقف الإنسان فيه عن الحب، فأجابت بسرعة وبدون تردد: «لست ادري… اسألوا من هم أكبر مني وأكثر خبرة!». وهنا يبرز أكثر من سؤال: هل الزواج هو الحب أم المتعة أم تلبية للرغبات أم أنه مؤسسة وشراكة روحية؟ هل يعد الزواج تقييداً لبلوغ أحلامنا أم هو الحرية نفسها؟ هل الزواج كما يراه البعض رحلة شقاء وعناء وشرّ لا بد منه وتقييد للحريات، أم أنه ضرورة اجتماعية مفروضة على الكثير من البشر؟
البداية كانت على لسان نادية المرزوقي من مدينة العين وتعمل في المجال التربوي، عندما أكدت أنه لا توجد حرية خارج مؤسسة الزواج التي من شروطها الرحمة والسكن، و«من تريد الحرية والطموح فعليها تحقيقهما خارج الإطار الزوجي، فالزواج لا يحقق الحرية بسبب العادات والتقاليد، ومن يريد الزواج السليم عليه انتهاج النهج الديني وليس الخروج عنه بأي طريقة كانت. ومن ينادين بالحرية وخاصة للمرأة لا يستحقون الحياة الزوجية فهم لا يريدون الاستقرار، بل يسعون إلى حرية تجلب لهم المصائب ولا يبحثون عن السكينة والستر والرحمة والحب الحقيقي، فالزواج له ضوابط وأصول».
الحريات والطموح موضوع نسبي
محمد ماجد موظف يكره المسؤولية، وقد تزوج بعد إلحاح من والدته. يقول: «ألحت أمي من اجل الزواج فوجدته ثقيلا ومسؤولية ليست بالهينة. نعم الحب متعة في الزواج ولكن لكل شيء ضريبة ولكل أسرة مشاكلها. أما تقييد الحريات والطموح فموضوع نسبي يخضع للنجاح والفشل، فالرجل طموح بطبعه وكذلك المرأة ولكن قد يكون الرجل أولى بهذا الطموح من اجل تحسين مركزه الوظيفي. والمرأة حينما تتزوج لا بد أن تخضع للرجل وما يقرره ولكن بالتفاهم».
بينما يوضح فيصل عايش الذي يعمل في الهندسة وجهة نظره عندما يقول: «نحن نتزوج إنساناً له عيوب ومحاسن، وفهم الشريك في معادلة الزواج أمر أساسي في التقارب. وعلى الزوجة أن تفهم طبع الزوج وطبيعته. الزواج ليس تقييداً للحرية ولا يقف أمام طموحات الزوجة، وهناك الكثيرون من الأزواج كانوا سعداء حينما درست الزوجة وأنهت دراستها وهي داخل مؤسسة الزواج وحقق لها الزوج أمنيتها في استكمال تعليمها العالي. ولكن هذه الأمور تأتي عبر قنوات التفاهم والود والحب، وليس بشكل عنتري».
«أروح وين ما بدي»
«نجاح الزواج له تأثيراته على المجتمع وفي الغالب يجب أن يكون نعمة للزوجين لا نقمة، فلا بد من التفاهم الكامل حتى في الثقافة الجنسية التي تلعب دوراً كبيراً في توافق معظم الأزواج. هناك بعض التجاذب بين الزوجين وهذا طبيعي فالتقييد للحريات مرفوض، ولكن لا بد للقرارات الحاسمة من أن تأخذ في الحسبان مصلحة الأسرة. على سبيل المثال لا تترك الزوجة البيت معظم الوقت لتقول «زوجي ترك لي حريتي أروح وين ما بدي وأروح وقت ما بدي». كذلك الزوج لا بد أن يتقيد مع زوجته من خلال اتفاق بينهما لصالح الأسرة.
الحرية هي السعادة
يؤكد الاختصاصي النفسي علي صلاح أن المؤسسة الزوجية تعتبر النواة الحقيقية لبناء مجتمع متكامل، فالحب والمودة أساس بناء الأسرة السعيدة، والحريات والطموحات تأتي ضمنياً من خلال حياة سعيدة. والرحمة والمودة هما نتاج معاشرة على مر السنين ليصبح الزوجان كياناً واحداً مهما كانت الخلافات لذا على المرأة أن تكون لطيفة في التعامل مع زوجها الذي يكفيه ما يعانيه من توتر وضغوط نفسية في العمل وخارج البيت.