جاء في مقال للزميل أمين حمادة في الشقيقة “الحياة”: ينتهي أخيراً الموسم الأول من برنامج «الحلقة الأخيرة» على شاشة «أم تي في» اللبنانية من تقديم المذيعين رجا ناصر الدين ورودولف هلال، من دون أن يتضمن ما يستحق إلقاء الضوء عليه كتابةً أو نقداً، فيناقض «الإعلام عنه» المذهب الثقافي «فقط العمل الجيد يُنقد»، ويتماشى مع تيمة البرنامج بخلق الجدل لتحقيق «رايتنغ» بأي وسيلة.
ولكن البرنامج يرفض إسدال الستار على موسمه الأول، من دون الوصول إلى درك أسفل من ابتذال يتخطى ما حوله من نوعه، بالذهاب إلى تعليقات جنسية، ولا إنسانية قائمة على الاستهزاء في الشكل، إلى جانب عدم الاكتفاء بتناول «النجم/ة» شخصياً بعيداً من فنّه وحتى إطلالته، بل الاعتداء أيضاً على خصوصية أفراد عائلته، في منافاة حتى لهدف البرنامج الذي أعلن عنه ناصر الدين عند إطلاقه في كانون الثاني (يناير) الماضي، قائلاً إنه «يهدف إلى استضافة النجم ووضع النقاط على الحروف وانتقاده علناً وأمامه مباشرةً بطريقة مهذبة»، إضافة إلى إعلان القناة عبر موقعها الاكتروني أن البرنامج «مادة ساخرة، ممتعة، مسلّية وهادفة في آن ضمن قالب عفويّ يقوم على البساطة في مقاربة الأمور مع نجوم سيحضرون إلى الاستوديو ليشهدوا على نقد المقدّمَين والرد عليه».
وأما المضمون، فكلام آخر لا صلة لحرف واحد منه بـ «النقد». في حلقات سابقة تم التهكم على اسم المغنية المغربية دنيا بطمة، الأمر الذي لا ناقة لها فيه ولا جمل، ولا يد ولا حيلة، إضافة إلى «نبش القبور» بعرض صور الفنانات في مراحل عمرية سابقة أو قبل إجرائهن عمليات تجميلية والتهكم على الهيئة. وفي معرض التساؤل عن مهنة المذيعة الكويتية حليمة بولند، يتفق المذيعان على أن لا أحد كان يعرفها قبل أن «نعمل منك نجمة» وفق قولهما مع الإشارة إلى دفعها ثمن الجوائز التكريمية لها، علماً أن الأخيرة نالت جائزة أفضل إعلامية عربية لعام 2015 من «موريكس دور» الذي عُرض في الأسبوع الماضي في نسخته الأخيرة على الشاشة ذاتها التي تعرض برنامجهما. وفي الحلقة قبل الأخيرة من البرنامج، يستعرض المذيعان في إحدى الفقرات الثابتة مع خبيرة الصورة مايا حدّاد، أزياء الفنّانات مع إبداء الأخيرة ملاحظاتها من موقع «أهل الرأي والخبرة»، فتظهر على الشاشة صورة الممثلة السورية جيني إسبر، مع تعليق ناصر الدين خارج كل ما يتعلق بملابسها، ناهيك عن فنها، منحصراً في جانب من جسمها. ويستمر المشهد بعرض صورة من مناسبة عائلية تجمع الممثلة السورية كندة حنّا بشقيقتها وطالب يد الأخيرة أثناء حفلة خطوبتهما. يسأل أحد المذيعين في تعليقه على الصورة، عمّن هي كندة حنا بين الأشخاص الثلاثة، فتجيبه حدّاد: «أكيد مش الكرش» في تعليق لا صلة له بالموضة ولا الفن ولا يصب إلّا في خانة التجريح الخلقي، قبل أن تتابع جوابها قائلةً: «هي لي لابسة كرافات أحمر»، وبعد أن يقهقه الثلاثي عالياً يزيد هلال من «جرعة الهضامة» مجرداً الفنّانة الشابة بتهكمه من أنوثتها بقوله: «هيدا حنا، بس كندة وين؟!». وردّت حنّا على «قلة الاحترام» التى لاقتها، بمنشور عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، حذفته لاحقاً، بعد تعليقات طالبتها بـ «عدم الرد والهبوط إلى مستوى متدنٍ، وتحقيق ما يرومه البرنامج من الانتشار عبر إثارة للجدل». وجاء في ردها أنها تفهم كفنانة أن «تصبح حياتها الشخصية ببعض نواحيها جزءاً مما تتناوله وسائل الإعلام، لكن ما لا يمكن أن تقبله هو التعرض لها بإهانات شخصية ولأفراد عائلتها الذين لا علاقة لهم باهتمام الصحافة حتى لو كانت صفراء».
لا بد للإشارة في سياق الأزياء، أن حنّا قامت أخيراً بعرض فستان زفافها من زوجها المخرج ناجي طعمي، إلى جانب فساتين أخرى، لاستعارتها من قبل الشابات السوريّات في مبادرة إنسانية للتخفيف بعض الشيء من حدة ثقل الأوضاع المعيشية في بلدها. وقالت الممثلة السوريّة في منشور لها حينذاك في مجموعة على «الموقع الأزرق»: «كان غرضي من الفعل الإيجابي لعملتو لتستفاد صبايا كتير مو قادرين يتكلفو بهاد الوضع لصارت الأسعار فيها بتعمي القلب وكلنا عايشين ضمن هي الظروف». وأضافت: «ما بدي القصة تتاخد لأني ممثلة، كلنا عايشين ومتربايين بنفس الأرض وشربانين من نفس المي… كتير أمور سلبية عم تنتشر وبسرعة وهاد الشي رح نلاقي بولادنا… لا، خلونا نتساعد لننشر الشي الإجابي وكلنا قادرين وكل واحد بطريقتو وقدرتو».
تقول الدكتورة نهوند القادري عيسى، الأستاذة والباحثة في علوم الإعلام والاتصال، في اتصال لـ «الحياة» عن ضرورة المسؤولية الاجتماعية في الإعلام، إن «الإعلام أصبح قادراً على الاعتداء على حياة الناس وخصوصيتهم، ما نتج عنه غوغائية»، مضيفةً: «تحركت قطاعات كثيرة ومنها الصحافة، للمطالبة بصحافة وإعلام لا يستقلات فقط عن السلطات السياسية، بل عن السلطات المالية أيضاً، وتحرك مفكرون للمطالبة بمبدأ المسؤولية الإجتماعية، كبيترسون، وعندما حصل عليها، لم يقصدوا أنّ المسؤولية الاجتماعية هي قيد، بالعكس، إنها تعبر عن حرية إيجابية، وهي رد على الحرية السلبية التي تعني اللامبالاة بكل القيم. ومن جهة أخرى، عادةً نعمل في وسائل الإعلام، ولكن لا نعي المفاهيم التي تحكم عملنا، لذا نحن بحاجة إلى قوانين سليمة تحررنا من هذا النوع من البرامج التي تتمّ تحت عنوان حريّة الرأي والتعبير».