حديث اليوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(( لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ ))
قبل الخوض في شرح هذا الحديث الصحيح الذي اتفق عليه البخاري ومسلم لابدّ من مقدمة.
أيها الأخوة الأكارم… أعداء الإنسان كثر، يجب أن نعتقد أن أعدى أعداء الإنسان هو الجهل والخرافة، فأي شيء تعتقده خطأ له تأثير خطير في حياتك، لذلك قالوا في تعريف العلم: إدراك الشيء على ما هو عليه بدليل، وفي تعريف الجهل: إدراك الشيء في خلاف ما هو عليه.
لو ظنّ الإنسان أنه كلما ارتفع ضغطه كلما حسنت صحته هذا جهل، ارتفاع الضغط قد يؤدي إلى انفجار بعض شرايين المخ، وقد يصاب بالسكتة الدماغية، إما أن يصاب بشلل تام أو بموت فجائي، فإذا ظن الإنسان أن ارتفاع الضغط مفيد جداً هذا هو الجهل وهو أعدى أعدائه، المصاب بمرض السكر إذا ظن أنه كلما تناول النشويات والسكريات شفي من مرضه هذا هو الجهل، أعدى أعداء الإنسان أن يجهل.
الدين الإسلامي من فضل الله علينا جاء متوافقاً مع الواقع ومتوافقاً مع العقل، هنا تعريف أوسع وأدق للعلم: علاقة ثابتة بين شيئين مقطوع بصحتها، لو اعتقدت أن هذا الشيء صواب بالمئة ثلاثون هذا وهم، إذا اعتقدت أنه صواب بالمئة خمسون هذا شك، إذا اعتقدت أنه صواب بالمئة سبعون هذا ظن، بالمئة ثمانون هذه غلبة الظن، بالمئة تسعون هذا يقين، بالمئة مئة قطع، حقيقة ثابتة بالمئة مئة، فإذا اعتقدت أن هذه العلاقة الثابتة بين شيئين مقطوع بصحتها يؤكدها الواقع عليها دليل هذا هو التعريف الموسع للعلم، لو أن الواقع ما أكدها فهو الجهل، لو أنك لا تملك الدليل فهو التقليد، لو أن هذه الحقيقة ليست قطعية الثبوت فهو الشك والوهم.
إذاً أنت إما بين الشك والظن والوهم – وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً- وإما أن تكون مقلداً، وإما أن تكون جاهلاً، الجهل مخالفة الواقع، التقليد حقيقة لكن بدون دليل، ليس في إمكانك أن تقبلها ولا أن تردها ولا أن تعلمها، إن لم تكن متأكداً فأنت بين الظن والشك والوهم.
إذاً هذا الموضوع خطير، الجهل أعدى أعداء الإنسان، الإنسان حينما يجهل حقيقة في دينه، أو في صحته، أو في عمله، أو في تجارته، أو في صناعته، أو في زراعته، قصة لا علاقة لكم بها ولكن مزارعاً اشترى سماداً لحقله، و إنتاج الحقل بمئات الألوف، أذاب هذا السماد بطريقة غير علمية ولم يراع النسب الدقيقة، كل هذا النبات احترق، أي مئات الألوف ضاعت عليه في يوم واحد، من أعداؤه؟ هو نفسه العدو، هو عدو نفسه.