التقرب إلى الله تعالى نعلم أن المَهمّة الأساسيّة التي خُلِقنا من أجلها هي عبادة الله تعالى وحده وفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، وإذا ما قام الإنسان المسلم بتطبيق شرع الله الذي وضّحه في كتابه
الكريم، وبيّنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم في سنّته الشريفة، فسيصل إلى تحقيق هذه الغاية، وسيكتسب محبّةَ الله.
لكنّ اكتساب هذه المحبّة يجب أن يَقترِن بإخلاص النّيّة في العمل وبحث المسلم عن الوسائل التي تقرّبه من ربه ليكون دائم الصلة به، وكذلك الوسائل التي تورث في قلبه الخشية منه لتكون مانعاً له من فعل المنكرات، فيصل إلى السعادة في الدنيا والآخرة. وسائل التّقرب من الله تعالى هناك وسائل تقربك من الله سبحانه وتعالى، وهي: أداء الفرائض هي أهمّ الأعمال التي تقرّب العبد من ربه، ودليل ذلك في الحديث القدسيّ الوارد في صحيح البخاري فيما يرويه النّبي صلى الله عليه وسلم عن ربّ العزّة: “وما تقرّبَ إليّ عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضتُ عليه”.
من هذه الفرائض: الصلاة على وقتها (التي هي أحب الأعمال إلى الله تعالى)، والصيام، وأداء الزكاة، والحج وغير ذلك من الأمور التي يجب على المسلم فعلها. وأداء الفريضة هو امتثال لأمر من أمور الله ويدلّ على تعظيم الخالق والخضوع له، لذلك فهو يؤدي إلى التّقرّب منه والوصول إلى كسب محبّته. أداء النّوافل أيضاً ورد في الحديث القدسي السابق: “ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أُحِبَّه”. وبما أنّ النافلة ليست واجبةً على المسلم إنّما هي فعلٌ تطوّعيّ، لذا فهي تدلّ على القيام بها حبّاً لله وطلباً لرضاه. ومن النوافل التي يمكن القيام بها: صلاة السّنة التي تكون قبل أو بعد الصلوات المفروضة، وصلاة الضحى وصلاة قيام الليل، وصيام التّطوّع الذي يكون في غير رمضان، وصدقة التّطوّع.
قراءة القرآن الكريم وتدبّر معانيه فبقراءته والتّفكّر في آياته التي تحوي الوعد والوعيد وتبيّن كيفية الخلق، يستيقظ القلب من غفلته ويتعرّف إلى خالقه، ويتخلّص من أمراضه المختلفة كالحسد والكِبر والرياء، وبقراءة كلام الله يشعر أنّ ربّه يخاطبه، فيكون قريباً منه موصولاً به.
الخلوة مع الله هي من أهم الوسائل التي تقرّب العبد من ربّه، فيختار الأوقات الهادئة المليئة بالصفاء ويدعوه بزوال همومه وتحقيق ما يتمنّاه، ويناجيه فينسى متاعب الدنيا ويشعر بالأنس والسعادة وكأنّه في جنّة، هذه هي جنّة القرب التي يدخلها العبد المؤمن في الدنيا قبل أن يدخل الجنّة التي وُعِدَ بها في الآخرة. وسائل خشية الله تعالى محاسبة النّفس ومراقبتها في السّر والعلن، والتّذكّر دوماً أن هناك يوماً تُحاسب فيه الخلائق على أفعالها.
التفكّر في الموت وما يؤول إليه العبد بعد انتهاء حياته، وتذكّر أهوال يوم القيامة. دعاء الله عزّ وجلّ بخشيته وقربه وإعانته لنا على تطبيق أوامره وترك عصيانه. التّعرف على أسماء الله الحسنى وصفاته الفُضلى؛ فهي باب من أبواب معرفة الله تعالى ومحبّته، وبالتّالي خشيته وإجلاله وتعظيمه والوقوف عند حدوده. مصاحبة الصالحين؛ فهم دوماً يذكّروننا بالله والآخرة ويرفعون هممنا إلى السير في الطريق السليم ومراقبة الله تعالى في سائر أحوالنا.