شهد الان هذا “اليوم” الثاني من ملتقى الاستثمار السنوي 2017 نشاطات مكثفة وجلسات حوارية غنية شارك فيها كبار رجال الأعمال والمستثمرين من مختلف دول العالم.
وجاء الحدث الأبرز في الان هذا “اليوم” الثاني من الملتقى بإطلاق مجموعة البنك الدولي لتقريرها السنوي الذي ناقش قضايا الاستثمار الأجنبي المباشر في جميع أنحاء العالم. وجاء التقرير ليلقي الضوء من خلال شروحات وتحليلات وافية على أفضل السبل لتحقيق تنمية مستدامة من خلال الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الوقت الذي أصبحت فيه هذه الاستثمارات محفزاً رئيسياً للتنمية.
وشدد تقرير مجموعة البنك الدولي على ثلاثة ملامح أساسية على صانعي القرار الاهتمام بها عند تحديد رؤيتهم للتنمية في عصر العولمة. أول هذه الملامح، ألقى الضوء على واقع أن سياسات الاستثمار والتنمية تتعلق بترابط الاستثمار المحلي والاستثمار الأجنبي.
وثانيها ركّز على الاستثمارات وخصوصاً الاستثمارات الأجنبية المباشرة باعتبارها ظاهرة غير متجانسة. أما ثالثها فألقى الضوء على حقيقة أن الاستثمارات هي أكثر من مجرد تبادلات مالية وتجارية، بل هي علاقات متعددة المستويات بين الفاعلين في العملية الاستثمارية والاقتصادية.
وظائف
وأكد التقرير العالمي أيضاً أن الأشكال المختلفة للاستثمار الأجنبي المباشر تخلق وظائف في قطاعات مختلفة وبالتالي تملك تأثيراً متبايناً على العملية التنموية في الاقتصادات المحلية. وإضافة لذلك، ركز التقرير على دراسة صادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية تم فيها الكشف عن أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للاقتصاديات النامية وصلت لحجم قياسي يقدر بـ 681 مليار دولار عام 2014، لتتجاوز قيمة إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة حاجز 8.3 تريليونات دولار.
وقال التقرير إن دراسة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أكدت أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة يمكن أن تخلق فوائد مباشرة وغير مباشرة على البلدان المتلقية لها.
والأهم من ذلك أن العديد من الفوائد مثل تبادل التقنيات والخبرات الإدارية وزيادة الإنتاجية، لا يمكن أن تقاس بشكل آلي. وأكد تقرير مجموعة البنك الدولي على أنه على الاقتصاديات الراغبة بتحقيق نمو اقتصادي وفي مجال خلق الوظائف، أن تزداد القيمة المضافة المحلية على أسس تنافسية.
وأوضح تقرير مجموعة البنك الدولي أن المجموعة تقوم بمساعدة 80 بلداً حول العالم في تشكيل الاقتراحات الاستثمارية المناسبة التي تعزز تنافسيتهم الاستثمارية. إضافة لذلك فإن التقرير ألقى الضوء على الأهمية البالغة لمختلف أنواع الاستثمار الأجنبي المباشر والتي تساعد بتوليد العديد من المنافع في العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في الدول على المديين القريب والبعيد على حد سواء. وشدد التقرير أيضاً على أهمية تواجد إطار جامع يتم من خلاله توضيح الفارق بين الأنواع المختلفة للاستثمار الأجنبي المباشر والتحديات التي تواجه كل نوع منها. كما ركّز على أهمية أن يكون هذا الإطار واضحاً بشكل كاف ليمكن الحكومات من البدء بتنظيم وتحديد الأولويات بشكل تضمن فيه تعظيم الاستفادة من الاستثمارات.
وأخيراً فإن تقرير مجموعة البنك الدولي أوضح أنه من الحيوي أن يتم قياس النتائج بشكل واضح، ليس من أجل الحكومات وحسب، بل كذلك لأنه في ظل التساؤلات العديدة حول فوائد العولمة، فإنه من الضروري لمصلحة المواطنين والحكومات على حد سواء أن تكون هناك شفافية لتوضيح السياسات والأدوات التي تساهم في تحسين حياة المواطنين من خلال تعظيم إمكانيات الاستفادة من الاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء.
وتعليقاً على تقرير مجموعة البنك الدولي، قال داوود الشيزاوي، رئيس اللجنة المنظمة لملتقى الاستثمار السنوي: «في وقتنا الحالي، إن ازدياد التعاون بين الدول سوف يؤدي بالضرورة لزيادة التنافسية الإقليمية في الأسواق العالمية مما يؤدي لنمو على المدى الطويل. وفي الوقت الذي يوضح فيه تقرير مجموعة البنك الدولي آفاق التعاون بين الاقتصاديات الإقليمية والدولية، فإنه أيضاً يلقي الضوء على أهمية النمو من خلال الاستثمارات على المستوى العالمي وهو الأمر الذي لا يمكن الوصول إليه دون البدء بتقوية الواقع الاقتصادي على المستوى الاقليمي أيضاً مع دول الجوار».
ناقش الملتقى في يومه الثاني «العلاقة بين الاستثمار الدولي والتنافسية، وكيف يمكن لهذه العلاقة تغيير شكل الاقتصاد العالمي الحالي». وإضافة للنمو المتزايد في أسواق الاقتصاد العالمي، فإن الاقتصادات الوطنية أيضاً تحتاج إلى أن تكون أكثر تنافسية حتى تتطور وتزدهر. ولهذه الأسباب فإن النقاش قد ألقى الضوء على تحليلات تفصيلية لطبيعة العلاقة بين التمويل والتجارة والعلاقة بين الاستثمار والتنافسية.
وأكدت النقاشات أنه لتحقيق التنافسية في الأسواق، فإنه علينا خلق أفكار جديدة ودعم استراتيجيات مختلفة. وإن تعزيز الانفتاح العالمي والتنافسية المحلية هو أمر أكثر أهمية الان هذا “اليوم” مما كان عليه في السابق بكثير. ولتعزيز الإنتاجية وإيجاد وسائل جديدة لدفع عجلة النمو والابتكار وخلق فرص جديدة للعمل والبناء، فإن برامج الأعمال والتنافسية يجب أن تشكل أولوية لصانعي السياسات حول العالم، وهو الأمر الذي لن يفيد فقط الاقتصادات المحلية، بل كذلك الاقتصاد العالمي ككل.