فتوى شرعية حول حكم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وصلاتي المغرب والعشاء لعذر المرض.
وقالت دائرة الإفتاء ردا على تساؤل أحد المواطنين حول حكم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وصلاتي المغرب والعشاء لعذر المرض؟،”إن مسألة الجمع بين الصلوات بعذر المرض، من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء، فذهب الحنفية والشافعية إلى عدم جواز الجمع بعذر المرض، لا تقديماً ولا تأخيراً، وأجاز الشافعية للمريض الجمع الصوري؛ بتأخير الأولى لآخر الوقت وتقديم الثانية لأول الوقت.
وأجاز المالكية والحنابلة، وكثير من الشافعية كالخطابي، والقاضي حسين، والروياني، الجمع بسبب المرض، وقال الإمام النووي رحمه الله: “وهذا الوجه قوي جداً، ويُستدل له بحديث ابن عباس قال: “جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَالمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِالمَدِينَةِ، فِي غَيرِ خَوفٍ، وَلا مَطَرٍ” رواه مسلم” [المجموع 3/ 21].
والذي نختاره: جواز الجمع بسبب المرض، فلا حرج على المريض إذا بلغ به المرض مشقة غير معتادة أن يجمع بين الصلاتين، الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، خاصة إذا شق عليه أيضاً التطهر للصلاة بسبب ما ابتلاه الله عز وجل من مرض وألم، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} البقرة/185، وقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} المائدة/6، ولهذا اتفق الفقهاء على القاعدة المستقرة “المشقة تجلب التيسير”.
ولمّا ثبت الجمع -لرفع الحرج- في المطر والسفر، كان جوازه حال المرض أولى وأحرى؛ لما هو معلوم من ظروف المرض التي تؤخر الإنسان وتقعده عن أداء واجباته جميعها، فكان التخفيف فيها متسقاً مع قياس رخصة الجمع بين الصلوات.
جاء في [مواهب الجليل 1/ 390] من كتب المالكية: “وقد ذكر ابن رشد في المقدمات في فصل الجمع عن أشهب نحوه وقال: اتفق مالك وجميع أصحابه على إباحة الجمع بين المشتركتي الوقت لعذر السفر والمرض والمطر في الجملة”.
وجاء في كتاب [المغني لابن قدامة 2/ 204]: “ويجوز الجمع لأجل المرض، وهو قول عطاء، ومالك… والمرض المبيح للجمع هو ما يلحقه به بتأدية كل صلاة في وقتها مشقة وضعف. قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: المريض يجمع بين الصلاتين؟ فقال: إني لأرجو له ذلك إذا ضعف، وكان لا يقدر إلا على ذلك… والمريض مخير في التقديم والتأخير كالمسافر، فإن استوى عنده الأمران فالتأخير أولى”. والله تعالى أعلم.