مصائب الدنيا أكثر مما نحصيها ونحصرها، والمحن تتنوع مثلما هي تتزايد أيضاً، وهذا أمر طبيعي لأننا في دار امتحان وابتلاء..
وهذه من حقائق الحياة الزلية التي لابد أن نعيها ونتفهمها جيداً كيلا نعيش في قلق وتوتر دائمين.
الحوادث الحياتية متنوعة ومتفاوتة كما أسفلنا، وتقع فجأة ودون سابق إنذار، وأحياناً ربما تسبقها مؤشرات تدل على قرب وقوع مصيبة أو محنة وإن كانت مع ذلك تأتي دون موعد محدد سلفاً، حتى إذا جاءت لا تفرق بين أحد، فالناس كلهم سواسية أمامها، لا تعرف فقيراً أم غنياً، قوياً أم ضعيفاً، مسلماً أم غير مسلم.
نحن البشر أمام تلك المحن والمشكلات والابتلاءات متفاوتون، فمنا من تخور قواه فوراً أمام أول محنة يتواجه معها، ومنا من تخور قواه بعد حين من الدهر قصيرة وفريق ثالث يصمد لفترة أطول، ورابع يواجه المحنة بعـزيمة وإصرار كبيرين على التحدي والانتصار عليها، يغبطهم كثيرون على شجاعتهم وروح الصبر والتصابر التي تظهر فعلياً أمام المحن والابتلاءات.
نحن المسلمين ولله الحمد، تعلمنا منذ نعـومة أظفارنا بطريقة وأخرى مسألة الإيمان بالقدر خير وشره، وهذا ما يجعل المرء المؤمن منا يطمئن إلى أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، فإنه قدره وأن الأمر قد انتهى رب العزة منه وقدّره علينا قبل أن نوجد على هذه الأرض وفي هذه الدنيا، فقد رُفعت الأقلام وجفت الصحف.
تعلمنا كذلك أن المؤمن يُثاب على أي مكروه يصيبه، حتى الشوكة يشاكها له فيها أجر.. أجر الألم أولاً وبعد ذلك أجر الصبر على الألم.. وتعلمنا من ضمن دروس الإيمان أن المؤمن أمره كله خير، إن أصابه خير فشكر كان له أجر، وإن أصابه شر فصبر كان له أجر أيضاً.
خلاصة الحديث وزبدة الكلام:
المحن أمور طبيعية في حياة البشر تنزل على الجميع دون استثناء وتتنوع في قوتها وطبيعتها.. وكل ما ندعو إليه أولاً، هو التضرع إلى الله دائماً في صلواتنا وخلواتنا أن يلهمنا الصبر والقوة على مواجهة الشدائد على اختلاف أنواعها إن وقعت، سواء في الجسم أو الأهل والولد أو المال، وأن نخرج منها ثانياً، سالمين آمنين في الدنيا قبل الآخرة، ونرجوا في الوقت نفسه ثواب الألم في الدنيا قبل الاخرة أيضاً.. سائلين الله عز وجل دوام العافية، وسلامتكم جميعاً.