هيأت الإمارات بنية تحتية تقنية واستراتيجية للمضي قدماً في استخدام السيارات المتصلة بالإنترنت وذاتية القيادة،«بدون سائق»، والتي تواكب توجهات الدولة الاستراتيجية للتحول إلى الاقتصاد المعرفي، فيما فتحت هذه التوجهات سوقاً محلية وإقليمية للطلب على هذه السيارات والتقنيات.
وتبوأت الإمارات مكانة عالمية بارزة، من حيث الجاهزية لاستيعاب المركبات ذاتية القيادة، متصدرة المركز الثامن عالميا في هذا الإطار، وفقاً لمؤشر «كي بي إم جي» لجاهزية الدول لاستيعاب المركبات ذاتية القيادة لتصبح من أوائل دول العالم في استخدام هذه السيارات في التنقل خلال سنوات.
وأمسكت الإمارات بزمام المبادرة مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن إطلاق استراتيجية نقل ذاتية التحكم في دبي، تهدف إلى تحويل 25% من وسائل النقل والمواصلات في دبي إلى مركبات ذكية ذاتية القيادة عام 2030.
ويقول مسؤولو شركات متخصصة في تقنيات وأنظمة السيارات ذاتية القيادة: إن الإمارات ستصبح منصة عالمية في تطوير هذه الأنظمة وتصديرها إلى دول عالمية وإقليمية، مشيرين إلى أن سوق هذه الأنظمة في الدولة سيصل إلى مئات الملايين من الدراهم سنوياً، فضلاً عن العائدات الاستثمارية غير المباشرة وبالأخص في توفير المئات من فرص العمل.
وتواصل الشركات التقنية ومصنعي السيارات العالميين وعلى رأسهم شركات «جوجل» و«تسلا» وغيرهما من الشركات العالمية الكبرى التجارب الميدانية للوصول إلى سيارات ذاتية القيادة آمنة بنسبة 100%، فضلاً عن سعي الحكومات لتوفير بنية قانونية لاستخدام هذه السيارات تجارياً.
وأعلنت دبي أنه سيتم وضع أحدث التكنولوجيا في مجال حلول التنقل الذكية قيد الاستخدام خلال معرض «إكسبو 2020»، كما أجرت هيئة الطرق والمواصلات وبالتنسيق مع شركة إعمار العقارية، التشغيل التجريبي لأول مركبة ذكية ذاتية القيادة تتسع ل10 ركاب في منطقة بوليفارد محمد بن راشد، وذلك على مسار بطول 700 متر في أغسطس آب 2016.
ووقعت في وقت سابق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» وشركة المركبات الكهربائية «أيكونيك موتورز» ومقرها الصين وشريكها الاستراتيجي مجموعة «سيف سيتي» مذكرة تفاهم،لاختبار أحدث نماذج لمركبات ذاتية القيادة في مدينة مصدر.
تقول منيرة سيّور، مديرة النقل الذكي في شركة «سترادا فيردي كونسولتانتس»: إن آخر التطورات في قطاع النقل الذكي هي الآليات ذاتية القيادة كالسيارات والشاحنات والحافلات حيث تعمل بالإضافة الى الحساسات والكاميرات الموجودة في الآلية على تبادل المعلومات مع المركبات الأخرى من جهة وبين المركبة والبنية التحتية من جهة أخرى.
ويتم العمل على إضافة أجهزة استشعار متقدمة في المركبات تعمل على مراقبة حالة السائق الصحية وتطوير نظم إدارة الطرق وحركة السير. وتضيف سيور: يشهد العالم حالياً دمجاً تقنياً بين مصادر الطاقة المتجددة ووسائل النقل من خلال طرق مبتكرة في شحن السيارات، كرصف الطرقات بصفائح الطاقة الشمسية التي يمكن من خلالها شحن السيارات أثناء السير وفي المواقف.
وتقول سيور: لطالما كانت دولة الإمارات سباقة في تبني أحدث التطورات في جميع المجالات، عبر التاكسي الطائر والسيارات ذاتية القيادة للحد من الازدحام والحوادث المرورية وتسهيل حياة المواطنين والمقيمين والزوار.
وأوضحت: ستتجاوز قيمة سوق أنظمة التنقل الذكي في الإمارات المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن تحسين شبكات النقل مئات الملايين من الدولارات سنوياً.
وأشارت إلى أن المشاريع المطروحة المتعلقة بالنقل الذكي في الإمارات ستتيح الفرصة للشركات المتخصصة في البنى التحتية وتكنولوجيا المعلومات وشركات البناء في توسيع سوق عملهم في الإمارات مستقبلاً.
وقالت سيور: تعتبر الامارات من الدول السباقة في تطوير التشريعات ونظم السلامة المتعلقة بالنقل الذكي، فيما تقوم «سترادا فيردي كونسالتانتس» بإعداد دراسة حول خطة النقل في الإمارات وتحديد التحديات التي قد تواجهها، واقتراح الاستراتيجيات لتشجيع السكان على استخدام وسائل النقل العام، وتعريفهم على فوائد وفرص أنظمة النقل الذكية.
الإمارات تتصدر
ووفقاً لمؤشر «كي بي إم جي» لجاهزية الدول لاستيعاب المركبات ذاتية القيادة تقدمت الإمارات على كوريا الجنوبية ونيوزيلندا، فيما تصدرت هولندا المرتبة الأولى في المؤشر ضمن 20 دولة، وفق 4 ركائز تتمثل في: القبول واسع النطاق للسيارات الكهربائية وتوافر محطات الشحن ووجود شبكة اتصالات قوية.
ومن المتوقع أن تحقق استراتيجية دبي للسيارات ذاتية القيادات عوائد اقتصادية سنوية بقيمة 22 مليار درهم، من خلال خفض تكاليف النقل وتقليل انبعاثات الكربون والحوادث وتوفير مئات الملايين من الساعات الضائعة في النقل التقليدي.
الإمارات في الطليعة عالمياً
وقال رافي سوري، الشريك والرئيس العالمي لقسم تمويل البنية التحتية في «كي بي ام جي لوار جلف»: إن رغبة دولة الإمارات في التفوق في مجال الابتكار من شأنه أن يضعها في طليعة النقل الذاتي الحضري عالمياً.
وتوقعت دراسة لشركة الدراسات والأبحاث العالمية «جارتنر» أن تشهد الأسواق إطلاق عدة طرازات من السيارات ذاتية القيادة بحلول عام 2020، ومع ذلك، لن يبدأ التأثير الكامل لتكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة على المجتمع والاقتصاد بالظهور حتى عام 2025 ويعد قبول المستهلك والمجتمع الدافع الرئيسي وراء اعتماد السيارات ذاتية القيادة.
وتوجد حالياً أكثر من 46 شركة تقوم ببناء برامج الذكاء الاصطناعي للسيطرة على السيارات ذاتية القيادة وجعلها صالحة للسير الآمن في شوارع العالم.
السيارات المتصلة
من جانبها تقول شركة «F5 نتوركس» يتوقع وصول عدد السيارات المتصلة بالإنترنت إلى 250 مليون سيارة بحلول عام 2020، فيما بات الطموح التقني للارتقاء بشبكات الطرق التي نستخدمها أمراً واقعاً، لاسيما مع طرح نماذج وتصاميم السيارات الطائرة فائقة الأداء التي بدأت بالظهور مؤخراً، وشهدت اندفاع شركات تصنيع السيارات للمشاركة فيها بكل قوتها، ومنها شركة فورد، وبيجو، وجاكوار، وسيات، لجعل التنقل الذكي أكثر كفاءةً وأماناً.
«اتصالات» توفر بنية تقنية
بدورها تقوم شركة «اتصالات» بتوفير بنية تقنية اسعداداً لدخول الإمارات عصر التنقل الذكي من خلال الاتصال الآلي (M2M) وإنترنت الأشياء (IoT) لتعزيز دورها في «استراتيجية دبي للتنقل الذاتي» ومن خلال جلب ابتكارات عالمية في هذا المجال إلى دبي.
ونجحت «اتصالات» قبل عامين في إطلاق سيارات متصلة بالإنترنت بالتعاون مع شركات عالمية من بينها: «نيسان» و «تويوتا» وسيارة (Tesla Model X)، كما قدمت خلال معرض «جيتكس 2017» عرضاً لسيارة مرسيدس بنز (F 015) وسيارة (Rinspeed Etos) للمساهمة في التوجه الاستراتيجي لحكومة دبي ورؤيتها طويلة الأمد للتنقل الذاتي.
الحماية من الاختراق
أعلنت شركتا «باناسونيك» و«تريند مايكرو إنكوربوريتد» مؤخراً عن توقيع شراكة لتطوير أحد حلول الأمن الإلكتروني الكفيلة باكتشاف ومنع الهجمات الإلكترونية ضد السيارات المتصلة وذاتية القيادة وتهدف هذه الشراكة لتحقيق مستوى أمني رفيع للسيارات المتصلة وذاتية القيادة لاكتشاف ومنع اختراقات وحدات التحكم الإلكترونية التي تتحكم في هذه النوعية من السيارات.
وتُعتبر سيطرة قراصنة الإنترنت على نظم توجيه وفرملة السيارات المتصلة خطراً حقيقياً ويتم اكتشاف ثغرات أمنية جديدة كل يوم من شأنها تشكيل خطر حقيقي نظراً لإمكانية استغلالها عن بعد.