رحّب سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أمس، بعودة الأمور إلى مسارها الشرعي والدستوري في تركيا، غداة إحباط الجيش التركي محاولة انقلابية نفذها عسكريون متمردون وخلفت 265 قتيلاً على الأقل، فيما حضّ الرئيس رجب طيب أردوغان الحشود على البقاء في الشوارع للتصدي لأي موجة «تصعيد جديدة».
وأجرى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية التركي مولود جاوويش أوغلو، أعرب فيه عن حرص دولة الإمارات على أمن واستقرار تركيا.
وقال سموه خلال الاتصال، إن دولة الإمارات تابعت بقلق بالغ التطورات الأخيرة التي شهدتها تركيا، مؤكداً حرص الدولة على أمن واستقرار تركيا.
ورحّب سموه بعودة الأمور إلى مسارها الشرعي والدستوري، وبما يعبر عن إرادة الشعب التركي، متمنياً دوام الاستقرار والازدهار لتركيا وشعبها.
وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، ظهر أمس، إحباط المحاولة الانقلابية التي نفذها عسكريون متمردون.
وقال للصحافيين، إن الوضع «تحت السيطرة تماماً»، متحدثاً عن «حصيلة كبيرة من الضحايا» بعد ليلة من المواجهات العنيفة في أنقرة وإسطنبول بين المتمردين والقوات الحكومية وعشرات آلاف الأشخاص الذين نزلوا الى الشوارع.
وأضاف أن الانقلاب الذي أحبط أسفر عن 161 قتيلاً و1440 جريحاً بين القوات الحكومية والمدنيين. وكان الجيش تحدث عن مقتل 104 متمردين.
وأوضح يلدريم أنه تم اعتقال 2839 عسكرياً على صلة بهذه المحاولة التي اعتبر أنها لطخت الديمقراطية التركية. وأكد أن «هؤلاء الجبناء سينالون العقوبة التي يستحقون».
وطلبت تركيا من اليونان تسليمها ثمانية انقلابيين وصلوا أمس في مروحية عسكرية إلى الكسندروبوليس (شمال) وطلبوا اللجوء السياسي، ووعدت أثينا بتسليمهم.
وعلى غرار أردوغان، اتهم يلدريم الداعية فتح الله غولن المقيم في منفاه بالولايات المتحدة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب. وسبق أن طلبت أنقرة من واشنطن طرده، الأمر الذي رفضه الأميركيون. وقال يلدريم إن أي دولة تقف إلى جانب غولن لن تكون صديقة لتركيا، وستعتبر في حالة حرب معها.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، من لوكسمبورغ أن بلاده ستساعد أنقرة في التحقيق في محاولة الانقلاب، داعياً السلطات التركية الى تقديم أدلة «صالحة ومتينة» تثبت تورط فتح الله غولن.
ودعا أردوغان الأتراك إلى البقاء في الشارع. وكتب على «تويتر»، أمس، «علينا أن نبقى مسيطرين على الشوارع، لأنه مازال من الممكن قيام موجة تصعيد جديدة».
وواجه عشرات آلاف الأشخاص رافعين أعلاماً تركية خلال الليلة قبل الماضية العسكريين الانقلابيين، فتسلقوا الدبابات المنتشرة في الشوارع واحتشدوا في مطار إسطنبول لاستقبال أردوغان الذي قطع إجازته في منتجع مرمريس (غرب) للعودة على عجل الى المدينة التي تعد معقله.
وقبيل منتصف الليلة قبل الماضية، أعلن بيان للقوات المسلحة التركية فرض الأحكام العرفية وحظراً للتجول في أنحاء البلاد بعد انتشار قوات خاصة في إسطنبول والعاصمة أنقرة.
وبرّر الانقلابيون «سيطرتهم التامة على السلطة» بضرورة «ضمان وترميم النظام الدستوري والديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات».
وفور وقوع المحاولة الانقلابية، دعا أردوغان السكان للنزول إلى الشارع والتصدي للعسكريين المتمردين في مقابلة تلفزيونية مباشرة جرت معه بواسطة الهاتف النقال من مرمريس، حيث كان يقضي عطلة.
وقال: «هناك في تركيا حكومة ورئيس منتخبان من الشعب»، مضيفاً: «سنتغلب على هذه المحنة إن شاء الله». وعند وصوله إلى مطار إسطنبول، توعد الانقلابيين قائلاً أمام حشد من الأنصار، إن «الذين نزلوا بدبابات سيتم القبض عليهم»، مندداً بالانقلابيين «الخونة».
وهنأ الأتراك بنزولهم «بالملايين» الى الشارع، لاسيما في ساحة تقسيم في اسطنبول التي غصّت بأعداد غفيرة من المتظاهرين المنددين بالانقلابيين.
وسلّم نحو 200 جندي كانوا لايزالون متحصنين في مقر رئاسة الأركان في أنقرة أنفسهم لقوات الأمن التركية، وفق وكالة «أنباء الأناضول».
ونفذ الجيش التركي ثلاثة انقلابات حتى الآن في 1960 و1971 و1980، وفي 1997 أرغم حكومة منبثقة من التيار الإسلامي على التنحي من دون إراقة دماء.
وظهر أمس، توقف إطلاق النار المتقطع في إسطنبول وأنقرة، حيث عقد البرلمان التركي جلسة استثنائية.
واتهم أردوغان مدبري الانقلاب بمحاولة قتله، ووعد بتطهير القوات المسلحة. وقال «سيدفعون ثمناً باهظاً لهذا، هذه الانتفاضة هي هدية من الله لنا؛ لأنها ستكون سبباً في تطهير جيشنا».
