عد توالي جرائم إزهاق أمهات أرواح أبنائهن بطريقة بشعة، فلجأن إلى الذبح والشنق والرمي من أعلى… بداعي أمراض نفسية، والظاهرة الخطيرة، جعلتنا نطرح الكثير من الأسئلة، لمعرفة التفسير النفسي والاجتماعي والديني للظاهرة.
وفي هذا الصدد، أكد المختص النفساني فرجاني محمد، أن أصل المشاكل في المجتمع بدأ منذ ظهور الأسرة النووية “المصغرة”، وانفصالها عن الأسرة الكبيرة “الممتدة”، التي كانت تضم الجدين والأعمام والأخوال”.. ففي الأسرة الكبيرة، كان كل طرف مسؤولا عن الآخر، والمريض يحظى برعاية الجميع، أما بعد استقلال الأبناء بأسرهم انقطعت العلاقة، وصرنا لا نسمع بالمريض إلا بعد وفاته أو إصابته بنوبة خطيرة…”. سبب آخر حسب المختص، وهو عدم اعتراف المجتمع بالمرض النفسي وأطبائه، فيفضلون زيارة المشعوذين والرقاة، وهنالك تتأزم وضعيتهم، “في وقت يمكن أن يكون العلاج النفسي للمريض بسيطا جدا”، وأكد محدثنا أن الأمراض النفسية موجودة في مجتمعنا، فمثلا يمكن للشخص الذي تعرض للعنف في صغره، أن ينقل ما عاشه إلى أولاده، كما توجد حالات اكتئاب شديدة قد تؤدي إلى قتل الأطفال، أو حرق المنزل..
وبدوره، تأسف رئيس جمعية “ندى” للدفاع عن الأطفال، عبد الرحمان عرعار، لعدم وجود هيئة قانونية يمكن أن تتدخل في حال إصابة أحد الوالدين بمرض نفسي، لإخراج الأطفال من دائرة الخطر، وحسبه “المصالح القضائية تتدخل بعد حدوث الجريمة، ولكن من المسؤول قبل حدوث الكارثة، ومن يحمي الطفل من عائلته؟”. وأكد عرعار أن المنظومة الاجتماعية مريضة ولابد من معالجتها، لتفادي سيناريوهات جديدة للقتل.
فيما تساءل عُضو مُؤسّس لمنتدى الوسطية لشمال وغرب إفريقيا، عبد الرحمان سعيدي، عن دور الطبيب النفساني الذي يعالج أمّهات، دون أن يؤكد على محيطهن بمراقبة تصرفاتهن خاصة في وجود أطفال، “كيف يتركونها بمفردها مع أطفال، وكيف تحْمِل المرأة أصلا وهي مصابة باختلال نفسي، فقد تصيبها نوبات في أي وقت…؟”.
كما حذر سعيدي من ظاهرة التدليس في الزواج، أين تُزوج العائلة شخصا مريضا نفسيا دون إعلام الطرف الثاني، قائلا: “الزواج ليس مستشفى علاج للأمراض النفسية، وفاقد الشيء لا يعطيه..”