للوهلة الأولى؛ بدت عائلة تروديك وكأنها تلاشت من على وجه الأرض. فرش أسنانهم اختفت من منزل عائلتهم، في حين كان الطعام مُتعفناً في مطبخهم المُرتّب، وكانت الأسِرَّة غير مغطاة.
وعندما اكتشفت الشرطة الجنائية بقعَ الدمِ وآثارَ الحمضِ النوويِ بالمنزل الكائن في الضواحي الشمالية الغربية من مدينة نانت الفرنسية، ظهرَ سيناريو أكثر شرّاً؛ ولكن لم يكن أحدٌ مُستعداً لرعب اعتراف هبرت كاويسن، بحسب ما نقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية.
ففي يوم الإثنين 6 آذار، كشفت التفاصيل عن اعتراف كاويسن بقتل صِهره سابقاً، باسكال تروديك، الذي يبلغ من العمر 49 عاماً، وزوجته بريجيت، البالغة من العمر 49 عاماً، وولدهما سيباستيان البالغ 21 عاماً، وشارلوت البالغة 18 عاماً، ثم قام بتمزيق وحرق جثامينهم.
وبدا أن الدافع وراء القتل هو نزاعٌ عائلي منذ فترةٍ طويلة، نشب بشأن عدد غير محدد من قطع الذهب، هكذا قال بيير سينيس، المدّعي العام بمدينة نانت الفرنسية، ظهيرة أمس الإثنين.
وقد اجتاحَ لغزُ ما أصاب عائلة تروديك فرنسا لمدة ثلاثة أسابيع. وطَرحتْ عناوين الصحف نظريات مُختلفة: هل قتل سيباستيان، الذي وُصِف بأنه يواجه مُشكلات نفسية، والديه واختَه؟ هل كان باسكال، الذي يعاني من الاكتئاب، مسؤولاً عن الوفيات؟
العلاقة بين كاويسن، البالغ من العمر 46 عاماً والمتزوّج من أخت باسكال تروديك، وضحاياه اضطربت لبضع سنوات، حيث كان كاويسن على قناعة أن صِهره كان يخفي ذهباً يزعُم أنه كان في وصية أبيه قبل 6 سنوات. وشعر أنه وزوجته لم ينالا نصيباً من الميراث، بحسب ما يقول المدعي العام.
وقال كاويسن للشرطة إن 16 شباط كان آخرَ يوم شوهِد فيه أفراد عائلة تروديك، وأنه ذهب إلى منزلهم ومعه سمّاعة طبيّة، للتنصت على أحاديثهم عبر النوافذ والأبواب.
وعاد ابنا تروديك من دراستهما من أجل قضاء العطلات، وكانا بصحبة والديهما. وقال سينيس إن كاويسن قضى الليل مُختبئاً في موقف السيارات المجاور للمنزل، حتى خلدت العائلة إلى النوم، ثم دخل إلى المنزل لسرقة مفتاح رآه على طاولة جانبية. فالضوضاء التي قام بها أيقظت تروديك وزوجته، اللذين نزلا إلى الدور السفلي من المنزل ليجدا نفسيهما في مواجهة كاويسن.
وأقر سينيس أن التفاصيل الدقيقة لما أعقب ذلك لا تزال قيد الانكشاف، ولكنه قال إن كاويسن زعم أن باسكال كان يحمل عتلة (آلة معدنية ذات نهاية مُنحنية لإزالة المسامير)، تمكن من انتزاعها من قبضة يده.
وقال المحقِّق: “ضرب وقتل باسكال وبيرجيت تروديك أولاً، ثم قتل سيباستين وشارلوت. واشتمل مسرح الجريمة على عنف هائل، فقد ظل كاويسن حتى الصباح الباكر، ثم عاد إلى المنزل الذي يشاركه مع ليدي تروديك، وأخبرها بما حدث”.
وأضاف: “في المساء التالي، عاد كاويسن مجدداً إلى المنزل لتنظيف آثار ما حدث، ولأخذ الجثامين. وفي مساء يوم 18 من فبراير/شباط، وضع ضحاياه الأربع بسيارة سيباستين تروديك، من طراز “بيجو 308″، وعاد مجدداً إلى المنزل”.
وتابع سينيس: “في اليومين أو الثلاثة أيام التالية، حاول إخفاء الجثامين. ويبدو أن الجثامين قد مُزِّقَت، ودُفِنت بعض أجزائها وحُرِق البعض الآخر”.
وعُثِر على سيارة “بيجو” في ميناء الأطلسي بمدينة سان نازير، وعُثِر على سروال شارلوت وبجيبه بطاقة بنكية بالقرب من مدينة بريست بإقليم بريتاني غرب البلاد.
وعندما التقى كاويسن بالشرطة لأول مرّة؛ قال لهم إنه لم يرَ صِهره منذ أعوام، وقد أُلقي القبض عليه بعدما اكتشف خبراء الطب الشرعي بصمات أصابعه على السيارة وعلى زجاج بمنزل العائلة.
وقالت والدة كاويسن في حديث لصحيفة Parisien الفرنسية، إن ابنها الذي كان يعمل كمهندس بقاعدة عسكرية بمدينة بريست قبل أربعة أعوام إلى أن صار مريضاً بـ”الإرهاق النفسي والبدني”، كان يتحدث كثيراً بشأن “أسطورة العائلة” أو “قطع من الذهب”.
وأثنى المُدّعي العام على الشرطة نظير عملهم، وقال إن الأولوية الآن هي العثور على الرفات المدفونة. ويواجه كاويسن عقوبة السجن مدى الحياة، إذ أُدين بتهمة القتل المتعمد، وقد تم احتجاز ليدي تروديك، الخاضعة للتحقيق بصفتها شريكته، وأُجريت معها لقاءات من قِبل قضاة التحقيق مساء الإثنين.