عكست انتخابات مجلس الشيوخ التي أجريت بمصر مؤخراً، ظاهرة عودة رجال الأعمال للعملية السياسية وتصدرهم المشهد، عبر ثلاثة مؤشرات هي المشاركة الفاعلة في تشكيل التحالفات الانتخابية، واختيار المرشحين، والترشح وتمويل عمليات الدعاية.
يعكس ذلك الوزن النسبي ومساحات النفوذ لدى رجال الأعمال، وكذلك توجه النظام لتنظيم هذا الوجود واستيعابه، كما يؤشر المشهد مستقبلا على الدور الذي ستلعبه كتلة من رجال الأعمال بوصفهم جماعة أساسية ضمن تحالف طبقي حاكم تحت مظلة الدولة.
يمكن تحليل مشهد الانتخابات بمدخل اقتصادي وطبقي يوضح مدلول ودوافع مشاركة رجال الأعمال كقوى اجتماعية في السلطة، وعلاقة تلك القوى بالسياسات الاقتصادية، وما إذا كانت تشكل تقنينا للتحالف القائم بين فئات طبقية ونظام سياسي، وما ينتج عنه من سياسات اقتصادية تزيد من تمكنها اقتصاديا وسياسيا في إطار سياسات التحرير الاقتصادي.
تشكلت القائمة الوحيدة بانتخابات مجلس الشيوخ عبر حوار جمع أحزابا تمثل كتلة من رجال الأعمال، أبرز تلك الأحزاب مستقبل وطن، والجمهوري الحر، والحركة الوطنية، والثلاثة يغلب على قيادتها رجال أعمال.
كما يظهر التحليل الكمي للمرشحين على مقاعد القائمة والتي تبلغ مائة مقعد، أن نسبة رجال الأعمال تزيد عن 70%، بينما توضح كشوف المرشحين على المقاعد الفردية بالقاهرة والمحافظات أن أغلب المرشحين من فئات رجال المال وقادة شركات ضخمة وينتمون أغلبهم سياسيا الى الأحزاب الثلاثة السابقة، ويتوزعون بين قطاعات البناء والتشييد وصناعة الحديد ومستلزمات البناء وقطاع السياحة والتكنولوجيا وقطاع الأغذية، وبينهم روابط وعلاقات متشابكة، استفادت بعض شركاتهم من مشروعات البنية التحتية الضخمة التي تنفذها الدولة بمشاركة القطاع الخاص سواء في سوق العقارات ومشاريع الإسكان أو شبكات الطرق والجسور، غير الاستفادة من تسهيلات توجه للقطاع.
وتعتبر هذه الكتلة من المشاركين في مجلس الشيوخ من الصف الأول في طبقة رجال الأعمال، يليهم صف ثان ترشح أغلبهم بمحافظات الصعيد وهم رجال أعمال أصحاب أنشطة استثمارية محلية متوسطة، ولهم نفوذ اجتماعي، وخاض بعضهم أو أفراد من عائلاتهم تجارب المشاركة السياسية قبل ثورة يناير، وكانت بعض الأسماء المرشحة مستوعبة ضمن شبكة علاقات الحزب الوطني بمحافظات الصعيد والدلتا.