هي تريد متاع الدنيا وزينتها، وهو يريد حسن ثواب الآخرة ومع ذلك أرادها زوجة تشاركه بقية حياته وفي نيته أن يجعلها تلتزم بأحكام الشرع عندما تصبح في بيته وتحت سلطته، وما جعله يطمئن أكثر، أنها أبدت استعدادها له بأن تنفذ رغباته بعد الزواج، وأن تترك الدنيا خلفها وتسعى في طلب الآخرة، ولكن بعد أن يوثق عقد القران، وتبدأ الحياة الزوجية، تجد مشقة في الالتزام بما وعدت به، سيما إذا كان الزوج من النوع الذي يفرض الدين على الزوجة بالعصا و”المطرقة”، ويأمرها بأن تلتزم بأمور لم ينزل الله بها من سلطان، فتجد نفسها مرغمة على التظاهر بالتدين أمامه، بينما تبيح لنفسها كل المحظورات عندما تكون بعيدة عن بيتها أو تختلي بنفسها، أو تتمرد في لحظة “انفجار” على كل رغباته، وتقطع حبل الوصال الذي جمعها به في بيت واحد، وتبدأ حياة جديدة لا يبقى فيها للدين أي أثر، هذا ما حدث مع الحالات التي رصدناه لكم في هذا الموضوع.
ملتزمة في حضوره فقط
تقول السيدة ريمة عن زوجة أخيها التي تزوجها في سن صغيرة رغبة في أن”يربيها” على يديه ويحببها في الالتزام، “إنها تحاول دائما أن تتظاهر أمامه بما يرغب أن يراها عليه، فبالنسبة للصلاة، فإنها تتكاسل عن أداء صلاتي الظهر والعصر في وقتيهما لأنه لا يكون موجودا في البيت، أما إذا تزامنت عودته للبيت مع صلاة المغرب، فإنها تسارع إلى إلى إقامة الصلاة، وكذلك الحال بالنسبة لصلاتي العشاء والفجر، حيث يراها وهي تصليهما في وقتهما المحدد”، وتضيف”أما بالنسبة للمسلسلات التركية والبرامج التي يكثر فيها الغناء والترفيه، فغالبا ما تشاهدها وهو غير موجود، لأنه أخذ عهدا عليها بأن لا تراها، ومرة ضبطها وهي تشاهد التلفاز فاستشاط غضبا ووكزها بيده، ولكنها بررت له ذلك أنها كانت جالسة فقط، وليس في نيتها أن تشاهد المسلسل”.
بعد العقد تراجعت
وتقول إحدى السيدات التي وجدناها في عيادة طبيب أسنان، إن أخاها الملتحي خطب فتاة غير ملتزمة، وأملى عليها بعض الشروط التي تتعلق بالالتزام بشرع الله، كارتداء الجلباب والنقاب، وعدم مشاهدة التلفاز، وعدم الذهاب إلى الأعراس والحمّامات، ووافقت الفتاة على الفور على هذه الشروط دون مناقشة، ولكن بعد أن تم العقد الشرعي، تراجعت عن القبول بالشروط، وصارحته بأنها غير قادرة على تنفيذها لأنها فوق ما تحتمل معتقدة أنها ستلوي ذراعه بالعقد وتجعله يتراجع عما اتفق عليه معها، ولكنه فسخ الخطبة وانصرف عنها.
وغير بعيد عن هذا الموضوع، تقول سامية إنها غير واثقة في التزام ابنة أختها بشروط الرجل الذي تقدم لخطبتها، والذي طلب منها أن ترتدي الحجاب الشرعي في اللحظة التي يدخل فيها خاطبا لبيتها، وهي التي أمضت مراهقتها وشبابها في لبس السراويل الضيقة والفساتين القصيرة والعارية التي اعتادت ارتداءها في الأعراس، ولم يسبق لها أن صلت لأكثر من شهر، فكيف سيكون حالها عندما تتزوج برجل اشترط عليها الحجاب الشرعي وهي لا تزال في بيتهم؟ تتساءل سامية في قلق.
توم وجيري فقط!
وحول تسلط بعض الرجال على زوجاتهم باسم الدين، أخبرتني زميلة لي كانت تشرف على صفحة المشاكل في جريدة أسبوعية، أنها تلقت رسالة من إحدى الفتيات تخبرها فيها أن زوجها الملتحي حرمها من مشاهدة كل البرامج التلفزيونية ماعدا “توم وجيري”، وأجبرها على الالتزام بشروط قاسية الأمر الذي جعلها تنفجر وتقرر أن تتطلق منه، وإمعانا في استفزازه، والتعبير عن سخطها عليه، قامت بارتداء تنورة قصيرة “ميني” لدى مقابلتها له في المحكمة من أجل استكمال إجراءات الطلاق.
فاظفر بذات الدين
يختار بعض الرجال الملتزمين نساء غير ملتزمات للزواج على أساس أنهن يتمتعن بميزة تجعلهن قريبات من القلب، ومحببات إلى العين رغم عدم التزامهن، كالجمال مثلا، أو يكنّ مناسبات من حيث الوضع الاجتماعي والاقتصادي، بينما يبيّت رجال آخرون النية “الحسنة”التي تنطوي على”انتشال”الفتاة غير الملتزمة من المعاصي ودمجها في وسط متدين يحافظ على حدود الله في كل شىء، وبينما ينجح في بعض الرجال في تحقيق هذا المراد بسبب قابلية المرأة للتدين ورغبتها في فتح صفحة جديدة تكون فيها الآخرة هي أولى أولوياتها، يجد أزواج آخرون أنفسهم قد أوقعوا زوجاتهم في الرياء والنفاق، حينما تسعى المرأة لإرضاء زوجها بالتظاهر بالتدين والحفاظ على حدود الشرع أمامه فقط، وعندما تختلي بنفسها تخبط خبط عشواء في المحرمات، أو يجد الرجل المتدين نفسه قد وقع في مشاكل يومية مع زوجة لا تريد أن تلتزم رغم تهديده وترغيبه، فالأولى لهؤلاء الرجال أن يختاروا الزوجة المتدينة من البداية التي تشد أزرهم وتعينهم على التقرب من الله، وهو ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله”فاظفر بذات الدين”، أما إذا وقع اختيار الرجل على امرأة غير ملتزمة، فينبغي أن يتأكد أن لديها استعدادا للالتزام ولن يتمكن من التأكد من هذا الأمر ولو حرص، لأن ذلك يتعلق بالقلوب التي لا يعلم سرها إلا الله.